صناعة الكرينة في دمياط.. تحديات الحفاظ على التراث في مواجهة الفايبر والإسفنج الصيني - بوابة الشروق
الجمعة 25 أكتوبر 2024 9:30 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

صناعة الكرينة في دمياط.. تحديات الحفاظ على التراث في مواجهة الفايبر والإسفنج الصيني

حلمى ياسين
نشر في: الجمعة 25 أكتوبر 2024 - 11:22 ص | آخر تحديث: الجمعة 25 أكتوبر 2024 - 11:22 ص

تشتهر محافظة دمياط، وخاصة عزبة ميت أبو غالب التابعة لمركز كفر سعد، بصناعة "الكرينة"، وهي إحدى الصناعات التراثية التي تعتمد على استخدام خوص النخيل.

يقول أحمد العشماوي، تاجر أثاث وأحد سكان قرية السنانية، لـ«الشروق»: "تُستخدم الكرينة في حشو الصالونات والانتريهات وغيرها من قطع الأثاث التقليدية، ولكن مع تطور الصناعات واستخدام مواد جديدة مثل الفايبر والإسفنج الصيني، تواجه هذه الصناعة تحديات كبيرة تهدد باندثارها. يُذكر أن الكرينة هي الخامة المصرية الأولى التي تُستخدم في صناعة الأثاث، تليها المسامير والغراء البلدي، بينما باقي الخامات مستوردة من الخارج بلا استثناء".

ما هي الكرينة؟

وأوضح حسن الجندي، منجد، أن الكرينة عبارة عن ألياف طبيعية تُستخرج من خوص النخيل، حيث يتم تجميع هذا الخوص وتجفيفه ومعالجته ليصبح جاهزًا للاستخدام في حشو الأثاث، وهو ما يُضفي عليه متانة واستدامة تستمر لسنوات طويلة. تُعتبر الكرينة من المواد التقليدية التي تُستخدم في صناعة الأثاث اليدوي، وخاصة في دمياط، التي تشتهر عالميًا بهذه الصناعة. تتميز الكرينة بقدرتها على التحمل لفترات طويلة، حيث يمكن للصالونات والأنتريهات المحشوة بها أن تستمر لعقود، إذا تم العناية بها بشكل صحيح. تُعد الكرينة مادة طبيعية مريحة وصحية.

وأضاف الجندي لـ«الشروق»: "يطلب بعض الزبائن التنجيد الكامل بالكرينة، لأنها لا تحتوي على المواد الكيميائية التي قد تسبب الحساسية لبعض الزبائن، حسب تجربتهم مع التنجيد بالفايبر أو الإسفنج، وكلها مواد صناعية بالكامل، مما يجعل الكرينة خيارًا مفضلاً لبعض العملاء الذين يفضلون المنتجات التقليدية والطبيعية."

التحديات التي تواجه صناعة الكرينة

أكد محمد الحطاب، نائب رئيس نقابة صناع الأثاث، مميزات الكرينة، إلا أن العاملين في هذه الصناعة يواجهون العديد من التحديات التي تهدد استمرارها. أحد أكبر التحديات هو صعوبة الحصول على خامة خوص النخيل، التي تعتمد عليها الصناعة. فقد كانت متوفرة، لكن تغيرات المناخ وارتفاع الطلب على النخيل في مجالات أخرى، مثل إنتاج التمور والزيوت، أدت إلى نقص في توفر هذه المادة الحيوية.

وتابع الحطاب لـ«الشروق»: "أيضًا هناك استهلاك أسبوعي للخوص أيام الخميس والجمعة، نظرًا لعادات وضعه على المقابر. فمعظم الأماكن التي يكثر فيها زراعة النخيل تستخدم الخوص لوضعه على المقابر، وهي عادة قديمة توجد في بعض المجتمعات العربية والإسلامية، وتستند إلى تقاليد متجذرة في المجتمع، تعبر عن الاحترام للموتى وتعبير عن الدعاء لهم بالرحمة. بالإضافة إلى ذلك، تتطلب عملية تجهيز الكرينة مجهودًا ووقتًا كبيرين، ما يجعلها أقل جذبًا مقارنة بالبدائل الحديثة، حيث يعتمد الحرفيون على خبرتهم اليدوية في تجهيز الألياف ومعالجتها يدويًا، وهي عملية مرهقة لا يمكن أن تضاهي سرعة الإنتاج الصناعي للمواد الأخرى."

وأشار علي داود، تاجر وصاحب مفرمة كرينة في عزبة ميت أبو غالب، إلى معاناة الحرفيين في عزبة ميت أبو غالب من زيادة تكاليف الإنتاج وانخفاض الطلب على منتجاتهم، نظرًا للمنافسة الشرسة التي تواجهها الكرينة من مواد أخرى مثل الفايبر والإسفنج الصيني. مؤكدًا أنهم كانوا يصدرون الكرينة إلى دول كثيرة قبل عام 2011، مثل لبنان وسوريا والأردن.

وتتميز هذه المواد بأنها أخف وزنًا وأرخص تكلفة من الكرينة التقليدية، مما يجعلها الخيار الأكثر شعبية بين المصنعين والعملاء على حد سواء. وأصبح الحرفيون يعانون من ركود في صناعتهم، حيث لا توجد مبادرات كافية لدعم هذه الصناعة التقليدية وحمايتها من الانقراض.

كما زاد النقص في العمالة الماهرة من تعقيد الأمور، حيث أصبحت الأجيال الجديدة أقل اهتمامًا بتعلم هذه الحرفة التراثية، مما أدى إلى انخفاض عدد الحرفيين المهرة.

مستقبل صناعة الكرينة

المهندس سلامة الجحر، رئيس شعبة صناعة الأثاث بدمياط، يؤكد أن صناعة الكرينة ما زالت تواجه كل التحديات، إلا أنها تمثل جزءًا هامًا من تراث دمياط. ولا يزال هناك طلب عليها، وإن كان بشكل محدود، من قبل العملاء الذين يقدرون جودة المنتجات التقليدية.

ويضيف أنه يمكن لهذه الصناعة أن تعود للنمو إذا تم تطوير حلول مبتكرة توازن بين الحفاظ على التراث وتلبية احتياجات السوق الحديثة، وقد بدأت بعض الحلول الممكنة بالفعل، مثل الدمج بين المواد التقليدية والحديثة في صناعة الأثاث، حيث يمكن استخدام الفايبر أو الإسفنج بجانب الكرينة لتحسين جودة المنتجات وتخفيض تكاليف الإنتاج. كما أن تسويق الكرينة على أنها منتج طبيعي وصحي يمكن أن يزيد من الطلب عليها في ظل الاتجاه العالمي نحو المنتجات المستدامة والصديقة للبيئة.


صور متعلقة


قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك