تقرير: من الأجدر بإدارة المهرجانات.. النقاد أم السينمائيون؟ - بوابة الشروق
الأربعاء 29 يناير 2025 1:29 ص القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

تقرير: من الأجدر بإدارة المهرجانات.. النقاد أم السينمائيون؟

إيناس عبدالله
نشر في: الإثنين 27 يناير 2025 - 3:15 م | آخر تحديث: الإثنين 27 يناير 2025 - 3:15 م

طارق الشناوي: رجال الصناعة أولى بإدارة المهرجانات
وليد سيف: الخبرة هي الفيصل.. والطرفان يكمل أحدهما الآخر
محمود قاسم: أفضل الشخص الذي لا يسعى لمكسب شخصي بغض النظر عن انتمائه

"من الأجدر والأنسب لإدارة المهرجانات السينمائية؟ صناعها من مخرجين ومنتجين وغيرهم من عناصر صناعة العمل السينمائي، المنغمسين في دهاليزها وكواليسها بكل همومها ومشاكلها، أم نقاد الفن الذين يعتمد عملهم على التحليل وتقييم وتذوق العمل؟

سؤال طرح نفسه عقب اختيار المخرجة هالة جلال رئيس مهرجان الإسماعيلية فريقًا معاونًا لها مكونًا من السينمائيين لإدارة الدورة 26 التي تنطلق في الفترة من 5 إلى 11 فبراير المقبل، وهو المهرجان الذي اعتدنا المزج في فريق عمله بين النقاد والسينمائيين.

ولأن الدورة المقبلة اعتمدت على السينمائيين في بناء الهيكل الفني لها، تعامل بعض النقاد مع الأمر بحساسية شديدة، وفسره البعض خطأ على أنه يقلل من أهمية الدور الذي لعبه النقاد في إنجاح مهرجان الإسماعيلية وغيره من المهرجانات المصرية".

"الصانع أولى"

"الشروق" طرحت السؤال على عدد من نقاد وصناع السينما، وكانت البداية مع الناقد طارق الشناوي، الذي قال: يجب أن يكون فريق عمل المهرجانات السينمائية من رجال الصناعة أنفسهم، وإذا تولى الإدارة ناقد أو شخص يمارس النقد، فيجب أن يكون رجل صناعة بالأساس.

وللعلم، إذا تورط الناقد كثيرًا في التعاون مع شركات الإنتاج والتوازن بينها، والاختلاط عن قرب بالصناع، يتحول إلى واحد منهم لأنه يفتقد حياديته. ولو عدنا بالزمن للوراء، سنجد أن نجيب ساويرس حينما قرر عمل مهرجان الجونة السينمائي، اختار انتشال التميمي رغم أنه سيكبده أموالًا كثيرة، لكنه اختاره لسبب هام، وهو أن انتشال رجل صناعة من الطراز الأول. والموضوع لا يجب أن يؤخذ بحساسية وعنف متعلق بالوظيفة من قبل بعض النقاد. فأنا أدرك جيدًا الهدف الذي تسعى إليه هالة جلال، وكلامها ليس به أي تعالٍ على النقاد، فهي تتحدث عن صناعة المهرجان، وأن تعاونها مع السينمائيين من أهل دائرتها سيساعدها في تحقيق الأفضل. هذا الكلام لا يقصد به التقليل أبدًا من مهنة النقد، فهي نفسها، وأنا أعرفها عن قرب، تقدر كثيرًا دور النقاد ورجال الصحافة.

لكن يجب أن نعي أن معايير الشخص الذي يقيم مهرجانًا سينمائيًا تغيرت. فأنا، على سبيل المثال، لا أستطيع إدارة مهرجان مثل القاهرة السينمائي، برغم كل الخبرات التي أمتلكها. فهذا المهرجان يحتاج لرجل صناعة من الطراز الأول يعرف تفاصيل شركات الإنتاج وكيف يحصل على فيلم وهكذا. أضف إلى هذا أنه ليس من مؤهلات الناقد أو الصحفي كي يكون شخصًا ناجحًا في إقامة مهرجان. وعليه، فأؤكد أن من يستحق إقامة مهرجان هو الذي يفقه في صناعة السينما".

"التعاون مطلوب"

بدأ الدكتور وليد سيف، الناقد وكاتب السيناريو ورئيس مهرجان الإسكندرية سابقًا، إجابته على السؤال المطروح بالتأكيد على أحقية أي رئيس مهرجان باختيار الفريق المعاون له، وقال: من حق كل مدير لأي مهرجان أن يستعين بفريق متعاون ومتجانس يحقق له الهدف الذي يسعى إليه، دون أن نفرض عليه أحدًا، وهو يدير عمله بالشكل الذي يراه مناسبًا له.

واستطرد: أما من الأجدر بإدارة المهرجانات السينمائية في مصر، فأرى أن وجود الطرفين "ناقد وصانع" معًا أمر مطلوب. فرغم أن الناقد قد يكون بعيدًا عن دهاليز وكواليس الصناعة، فإنه يمتلك عينًا مجردة تؤهله للعمل في المهرجانات بلجان التحكيم والمكتب الفني وإدارة الندوات وغيرها. وهناك بعض النقاد "الشاطرين" الذين لديهم اتصالات واسعة مع شركات الإنتاج، وقادرون على لعب دور المبرمج بشكل كبير.

لكن في النهاية، الذي يدير أي مهرجان يجب أن تكون لديه خبرات متعددة في أمور كثيرة، وأن يكون كفؤًا، ولديه من القوة والقدرة على الاعتراف بالخطأ. وهذا، للأسف، آفة بعض المسؤولين عن المهرجانات، وهي المكابرة. فالأخطاء واردة وتحدث في كل المهرجانات الكبيرة، لكن الفارق بين الأجنبي ونحن، أن الأول يتعلم من أخطائه ويتدارك الأمر ويصلحه. لكن، للأسف، هناك من لا يعترف بالخطأ ويستمر في ارتكابه.

وقال: جميعنا نهدف إلى أن يكون لدينا مهرجانات سينمائية مهمة ومحترمة "سينمائيين ونقاد"، وهو ما ألمسه على أرض الواقع حاليًا. فالمهرجانات السينمائية حدث بها تغير كبير، ويتم إدارتها بأساليب أكثر احترافية عما كانت عليه من قبل. وأتمنى أن نشهد تطورًا ملموسًا في مهرجان الإسماعيلية، الذي أشفق على قيادته الجديدة، هالة جلال، بشدة وأتمنى لها النجاح. فهي تعمل في ظروف غاية في الصعوبة. فالمركز القومي للسينما، وهو الجهة المنظمة للمهرجان، يعاني من خلو منصب المدير بعد انتهاء مدة حسين بكر، كما أن المركز نفسه يعاني من انقسامات داخلية تعوق عمل أي أحد.

"يحب السينما"

أما الناقد والمؤرخ محمود قاسم، فاستعاد في إجابته تاريخ نشأة المهرجانات السينمائية في مصر، وقال: في البداية، قام كمال الملاح بعمل جمعية للنقاد، وأنشأ سمير فريد جمعية أخرى للنقاد أيضًا، وكلاهما سعى لعمل مهرجانات سينمائية، لقدرتهما على جلب معلنين من ناحية، ولقدرتهما على الضغط على وزير الثقافة كي يقدم لهما دعمًا من جانبه، وكذلك قدرتهما على الضغط على أصحاب الأفلام. وعليه، فهم يمتلكون مقومات إقامة مهرجان. ولذا نجد أن رئيس المهرجان، مثل كمال الملاح، كان في كلمته يشكر كل الرعاة بالاسم، بما فيها صاحب مطعم السمك الذي دعا ضيوف المهرجان على الطعام. وحينها يشعر الرجل بسعادة كبيرة، فاسمه يذكر وسط هذا الحشد من الفنانين، فيكرر رعايته للمهرجان مرة أخرى.

وواصل محمود قاسم: تغيرت الأسماء والعقول بمرور الوقت، وتغيرت طبيعة النقاد أنفسهم. وأصبح لدينا نقاد اعتمدوا في عملهم على الخبرة دون دراسة وعلم. وتحولت المهرجانات إلى سبوبة، وأصبحنا نعاني من قاعات خالية من الجمهور. وأصبح الرهان على الفيلم المصري ونجومه، فهو الجاذب للجمهور ولوسائل الإعلام. وبالتالي، أصبح الفيلم المصري المشارك بالمهرجان هو المادة الأكثر تداولًا في الصحف.

وأكمل قاسم: ومن هنا، كان لا بد أن يحدث تغيير فيمن يدير المهرجان السينمائي. وبالمناسبة، لا يشغلني كونه ناقدًا أو سينمائيًا. فكم من خريجي معهد السينما لا يستحقون العمل في المهنة، وليس لديهم رؤية ووجهة نظر. ولكن لدينا، في المقابل، نقاد حققوا نجاحات ملموسة، مثل الناقد عصام زكريا، والراحل علي أبو شادي. فرغم أن الكل يعلم حجم الخلافات الشديدة التي كانت بيني وبينه، فإنه نجح في إدارة مهرجان الإسماعيلية بكفاءة عالية.

وعليه، ما أتمناه من أي شخص يدير مهرجانًا فنيًا أن يكون لديه شغف وعشق للسينما. فقد حضرت مهرجانات كثيرة بأوروبا يقيمها شباب صغير السن، ليس محسوبًا على أي فصيل. فقط هو عاشق للسينما، ولا يتعامل مع المهرجان باعتباره تورتة يجب أن يحصل على نصيبه منها، بل هو مظهر من مظاهر الاحتفاء بالسينما وصناعها. فأنا أفضل الشخص الذي لا يسعى لمكسب شخصي بغض النظر عن انتمائه، المحب للسينما، الذي يعمل لإسعاد الناس وتقديم أفلام جيدة الصنع تمتع الحضور.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك