أَفَتَّانٌ أَنْتَ يَا مُعَاذُ.. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة المقبلة - بوابة الشروق
الجمعة 13 سبتمبر 2024 11:41 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أَفَتَّانٌ أَنْتَ يَا مُعَاذُ.. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة المقبلة

فهد أبو الفضل
نشر في: الثلاثاء 27 أغسطس 2024 - 6:57 م | آخر تحديث: الثلاثاء 27 أغسطس 2024 - 6:57 م

حددت وزارة الأوقاف، موضوع خطبة الجمعة المقبلة بعنوان : "أَفَتَّانٌ أَنْتَ يَا مُعَاذُ".؟!

وقالت وزارة الأوقاف إن الهدف المراد توصيله إلى جمهور المسجد من خلال هذه الخطبة يهدف إلى توجيه وعي جمهور المسجد إلى التحصين من الغلو والتطرف بكافة صوره ، وبيان خطورة التشدد والتطرف ، وأن الأنا والكبر بذرة الإرهاب ، مع بيان منزلة معاذ بن جبل رضي الله عنه عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتوضيح سبب غضب النبي صلى الله عليه وسلم من معاذ بن جبل رضي الله عنه.

وبحسب البيان، فيما يلي نص الخطبة، الحمد لله رب العالمين، الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، ملء السماوات والأرض، وملء ما شاء ربنا من شيء بعد، نحمدك ربنا بالمحامد اللائقة بعظمة ربوبيتك، ونثنى عليك الثناء المناسب لكمال ربوبيتك، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن سيدنا وتاجنا وفخرنا محمدا عبده ورسوله، شرح صدره، ورفع قدره، وشرفنا به، وجعلنا أمته، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فهذا صحابي جليل اختصه الجناب النبوي الشريف بمنقبة عظيمة خاصة، حين أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما بيده، وأقسم له بالله على محبته، وقال له: "يا معاذ، والله إنى لأحبك"، ومع ذلك نجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فى موقف آخر يوجه له رضي الله عنه عبارة شديدة حادة صارمة، فيقول له: "أفتان أنت يا معاذ؟!".
فيا ترى ما الذى فعله معاذ بن جبل رضي الله عنه، جعل النبي صلى الله عليه وسلم يغضب هذا الغضب الشديد، ويوجه له رضي الله عنه هذه العبارة الشديدة؟
الأمر أن راعي إبل رجع من يوم عمل شاق منهكا ليصلي صلاة العشاء خلف سيدنا معاذ رضي الله عنه ، فوجده يقرأ فى الصلاة بسورة البقرة، فلم يقدر الرجل أن يكمل تلك الصلاة الطويلة، فانعزل، وصلى لنفسه وانصرف، وبلغه أن معاذا رضي الله عنه نال منه، وقال فيه: لقد نافق الرجل ، فشكا الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم معاذا، وقال: يا رسول الله، إنا قوم نعمل بأيدينا، ونسقى بنواضحنا، وإن معاذا صلى بنا البارحة، فقرأ البقرة، فتجوزت فى صلاتى، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ- وهو من أحب الصحابة إليه-: يا معاذ! أفتان أنت؟ يا معاذ! أفتان أنت؟ يا معاذ! أفتان أنت؟ فلولا صليت بـ"سبح اسم ربك"، و"الشمس وضحاها"، ‬و"الليل إذا يغشى"؛ فإنه يصلى وراءك الكبير والضعيف وذو الحاجة!
وفى موقف آخر يغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم غضبا غير معتاد منه مطلقا، حين يأتى رجل إليه صلى الله عليه وسلم، فيقول له: يا رسول الله، إنى لأتأخر عن الصلاة فى الفجر مما يطيل بنا فلان فيها، قال راوى الحديث: فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما رأيته غضب فى موضع كان أشد غضبا منه يومئذ، ثم قال: يا أيها الناس، إن منكم منفرين! فمن أم الناس فليتجوز، فإن خلفه الضعيف والكبير وذا الحاجة!
لقد كان صلى الله عليه وسلم يحرص على أمته حرص الأب على أبنائه، وأراد أن يقضي على الخطر من جذوره!
وتعالوا معى لنتخيل معا هذا الخطر الذى غضب منه صلى الله عليه وسلم، وحذر منه أمته، تصوروا معى أن يتشدد شخص فى تدينه، وأن يتطرف فيه، وأن يغرق فى نفسه، وتغيب عنه فى أثناء ذلك كل معانى الرحمة واليسر والاتساع فى الشريعة!
إنها النفس! إنه الأنا! إنه الكبر الذى يغلف بظاهر موهوم من التدين، إنه الهوى الذى يجعل صاحبه متهورا فى الباطن، متدينا فى الظاهر!
وإذا أصيب الشخص بمثل هذا فإنه يغرق فى بحر من الظلمات، وينقطع عن أنوار الشريعة، وينظر للناس من حوله ويقارنهم بحاله، فيستصغرهم ويحتقرهم، ويكون غليظا عنيفا معهم، ويظن أنه خير منهم، ويصيبه داء إبليس الذى قال: {أنا خير منه}، وإذا تضجر الناس من هذا الشخص ونالوا منه فإنه يزداد عنفا معهم، وغلظة عليهم؛ لأنه تصور أنهم يعادون الدين، وهم فى حقيقة الأمر لا يطيقون التشدد!
ويتطور الأمر فيتعدى ذلك الشخص على الناس ويكفرهم، وينتهى به الأمر إلى أن يحمل السلاح عليهم، فيولد الإرهاب!

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فإن من أشد الأمور غرابة أن الإرهاب يبدأ بظاهر من التدين والتعبد، لكن ظلمات الأنا والكبر قد جعلت هذا التدين معزولا عن أنوار الشريعة وأخلاقها وآدابها، ولأجل هذا غضب صلى الله عليه وسلم من هذا التشدد، رغم أن ظاهره التدين.
احذروا أيها السادة من كل تشدد وتطرف فى دين الله ينجرف صاحبه من حيث لا يدرى إلى الإرهاب، ومن الغريب أن يظن فى نفسه أنه على صواب؛ لأنه يأخذ بظاهر التدين، ويغيب عنه باطن السعة والرحمة.
إن ذلك كله يفسر لنا شدة غضب النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الموقف، فما رؤي أشد غضبا منه فى ذلك اليوم، إنه صلى الله عليه وسلم يريد أن يحمي أمته من الخطر، إنه صلى الله عليه وسلم يريد أن يصون أمته من التطرف، إنه صلى الله عليه وسلم يريد أن يقي أمته من الإرهاب، يريد صلى الله عليه وسلم لأمته أن تتدين فيزداد الإنسان بتدينه لينا ورحمة ورفقا واتساعا، والتماسا للعذر، واحتراما للخلق، قال تعالى: {فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم فى الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين}.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك