تركت أغلب شخصيات الرسوم المتحركة التي أنتجتها شركة والت ديزني، بصمة لا تمحى في حياة الأجيال المتعاقبة، إلا أن «أميرات ديزني»، كانت لهم أهمية خاصة لدى محبي عوالم ديزني، فقد تحول «بعضهم» إلى أيقونات في حياة الفتيات، على مدار السنين.
إلا أنه وبحسب ما نقل موقع الإذاعة الوطنية الأمريكية «npr»، عن العديد من الأكاديميين وأولياء الأمور، أن ارتباط الفتيات بأميرات ديزني هو أمر سيئ لهن، لأن تلك الشخصيات لديها مظهر نمطي وغالبا ما ينقذهن الرجال في الأفلام، بدلا من التصرف بمفردهن، كما في أفلام «سنو وايت Snow White»، و«الأميرة النائمةSleeping Beauty ».
ومنذ العام 2009 تدرس عالمة الاجتماع بجامعة كارلستاد السويدية، شارو أوبال، كيف أثرت أميرات ديزني على الفتيات، في عالم تبث فيه قنوات ديزني التلفزيونية في 133 دولة، وتنتشر أفلامها وبضائعها حول العالم.
أرادت أوبال أن ترى كيف ترى الفتيات من جنسيات مختلفة فكرة «الأميرة»، فهي تعتبر أن أميرات ديزني تمثل مصدر قلق آخر على الفتيات كون العديد منها تمثل شخصية كلاسيكية بيضاء وغربية.
وبين عامي 2009، و2018، طلبت من 140 فتاة تتراوح أعمارهم من 8 إلى 15 عامًا، يعيشون في خمس دول هي الولايات المتحدة، والصين، وجزر فيجي، والهند، والسويد، رسم «أميرة»، بعدها أجرت مقابلات خاصة، مع كل فتاة امتدت من 10 إلى 15 دقيقة، وبدأت في طرح مجموعة من الأسئلة عليهم منها، «من هي الأميرة؟»، و«متى بدأت بمشاهدة أفلام أميرة ديزني؟»، و «هل تعتقدي أنكِ يمكن أن تصبحي أميرة؟»، لم تتمكن معظم الفتيات من تذكر متى بدؤوا في مشاهدة أفلام ديزني.
حللت أحدث دراسات أوبال، والتي نشرت في مارس الماضي، عينة من 63 رسمًا من فتيات في فيجي والهند والسويد، أوضحت نتائجها أن 61 من أصل 63، رسم تم تحليله كان لأميرة ذات بشرة بيضاء، تشبه كثيرا شخصيات ديزني.
تقول أوبال إنها طلبت من الفتيات رسم «أميرة»، فقط دون تعريف ولم تطلب رسم أميرة ديزني، فرسمت الفتيات من فيجي عدد من الرسومات المختلفة لشخصية آريل من فيلم حورية البحر الصغيرة، بينما رسمت الفتيات الهنديات، بيل من فيلم الجميلة والوحش، والأميرة أورورا من فيلم الأميرة النائمة، ولم تجد أوبال أي رسم مختلف قد يعبر عن أميرة بزي تقليدي كالساري الهندي، أو السولو شامبا من فيجي.
وتضيف بأن إجابات بعض الفتيات من دول مثل الهند وفيجي والصين، خلال مقابلاتها معهم كانت صادمة، حيث قالوا إنهم لا يمكنهم أن يكونوا أميرات لأن بشرتهم داكنة جدا وليست جميلة بما يكفي ليكونوا كأميرات ديزني.
وتشير أستاذة الدراسات الإعلامية بجامعة سالم الحكومية بولاية ماساتشوستس، ريبيكا سي هاينس، إلى أن" دراسات أوبال شديدة الأهمية، لكون الولايات المتحدة استعمرت خيال الأطفال حول العالم حول ماهية الأميرة، وهذا ما يجب أن يؤخذ على محمل الجد."
وبالرغم من سعي ديزني نحو تنويع شكل الأميرات في أفلامها، وتمكين شخصية الأميرة خلال أعمالها في العقود الأخيرة، استجابة للانتقادات التي وجهت لها لكونها تضع النساء في أدوار سلبية ونمطية، بتقديم شخصية الأميرة ياسمين في فيلم علاء الدين عام 1992، ومن بعده بتقديم أميرات ملونين مثل شخصية بوكاهونتاس (فيلم 1995)، وشخصية موانا (2016)، إضافة إلى تيانا ومولان.
إلا أن أوبال تقول إن دراساتها أشارت إلى أن هذه الموجة الجديدة من الأميرات "لم تحل محل شعبية الأميرات البيض في ديزني التي حظيت بانتشار عالمي."
وتفضل معظم الفتيات اللائي شملتهن الدراسة، الأميرات البيضاء "الكلاسيكية" فقد شاهدوا كلهم تقريبًا أفلام سندريلا، وسنو وايت، ويجهلن باقي التشكيلة من أميرات ديزني الملونين، بل ويعتبرن أن شخصيات كالأميرة ياسمين ومولان، "أمريكيات" بالرغم من كونهم شخصيات معبرة عن الشرق الأوسط والصين.
تشير أوبال إلى أن قلقها ليس منصبًا على كون الفتيات لديهن رغبة في أن يصبحوا أميرات خيالية كما تصور الأفلام، بل في ما عبرن عنه في دراستها بكونهم يفتقرن إلى مقومات "الأميرة" بالمواصفات الأمريكية.
تقول هاينس :"الجمال بحد ذاته ليس جيدًا أو سيئًا بطبيعته، فهو أمر نسبي، لكن الثقافة هي ما تُعطيه الأهمية، فهي تختصر قيمة الأنثى بالجمال"، نافية أن تكون ديزني وحدها مسؤولة عن نشر مفاهيم الجمال "الغربية"، والربط الثقافي بين البياض والجمال، وترجع ذلك إلى الثقافة التي تم ترسيخها خلال العقود الطويلة من الاستعمار، إلا أن نتائج دراسة أوبال تظهر بوضوح أن ديزني قد تعزز هذه المفاهيم.