ذكرى ميلاد فريد شوقي.. كيف جمع مسرح الهواة بين وحش الشاشة والملك فاروق؟ - بوابة الشروق
الأحد 8 سبتمبر 2024 10:36 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ذكرى ميلاد فريد شوقي.. كيف جمع مسرح الهواة بين وحش الشاشة والملك فاروق؟

فريد شوقي
فريد شوقي
محمد حسين:
نشر في: الثلاثاء 30 يوليه 2024 - 4:11 م | آخر تحديث: الثلاثاء 30 يوليه 2024 - 4:11 م

تمر اليوم الموافق الـ30 من يوليو، ذكرى ميلاد الفنان فريد شوقي، الذي ولد في مثل اليوم من عام 1920 في حي السيدة زينب العريق بالقاهرة.

وتعلق فريد شوقي بالفن منذ سنوات طفولته وتحدث عن ذلك قائلاً: "والدي هو المسئول الأول عن اتجاهي إلى الفن والتمثيل بالذات، دون أن يقصد طبعًا، وهو الذي غرس في قلبي حبَّ الفن بحُكم أنه أديب ومتحدث لبِق ومُحب لكل الفنون،‫ كان يدفعني بقوة لإكمال تعليمي، والوحيد من بين كل أفراد أسرتي الذي شجعني على التمثيل.. هو وحده في جانب وبقية الأسرة كلها في جانب آخر".

درس فريد شوقي الهندسة التطبيقية، وما إن أعلن معهد الفنون المسرحية عن قبول أول دفعات طلابه، تقدم -حيث كان متعلقا بالتمثيل منذ طفولته- واجتاز كل الاختبارات، وأبدى تفوقا في سنوات الدراسة.

وكانت سنوات الدراسة بأولى دفعات معهد التمثيل تمثل خصوصية لدى فريد شوقي، ومن أبرز ما رواه عن تلك المواقف لقاء جمعه بالملك فاروق خلال صفحات مذكراته، وحررتها الكاتبة والناقدة إيريس نظمي تحت عنوان "ملك الترسو: فريد شوقي"، والصادر عن دار ريشة للنشر.

ـ جلالة الملك شخصيًا

يبدأ فريد شوقي حديثه: "خبر أدهش الدفعة كلها، تلاميذها وأساتذتها الملك فاروق سيشاهدنا ونحن نمثل فوق خشبة المسرح، جلالة الملك شخصيًا؟ وهل لديه وقت ليضيعه معنا نحن الهواة؟ الشيء الطبيعي أن يشاهد مسرحيات كبار النجوم المصريين والعالميين ولا يشاهد عروض طلبة وطالبات معهد التمثيل، لكنه خبر حقيقي وليس إشاعة، وأصبح المعهد في حالة نشاط غير عادي اجتماعات ومناقشات واستعدادات ونحن طلبة وطالبات السنة الأولى ما نزال غير مصدقين، وكل واحد منا يسأل نفس السؤال: ما سر ذلك الاهتمام الملكي المفاجئ بهواة ناشئين مثلنا؟ إلى أن بدأنا نفهم كل التفاصيل فزالت كل علامات الدهشة من فوق وجوهنا الذي حدث أن المعهد كان في عامه الأول بلا ميزانية والمعروف أنه كان تابعًا في ذلك الوقت لإشراف وزارة الشئون الاجتماعية".

وبدأ العميد يُفكر ويحاول أن يجد حلاً لهذا المأزق المادي الذي قد يُعرض مستقبلنا جميعًا للخطر"، ووجد زكي طليمات أن عيد ميلاد الملك فاروق الذي يقترب بسرعة يمكن أن يكون فرصة لكسب ثقة واعتراف جلالة الملك بمعهدنا، وبهذه الطريقة يضمن ميزانية دائمة لا تجعل المعهد هكذا في مهب الريح، وكان المعروف أن عمة الملك البرنسيسة شويكار ستقيم احتفالا بعيد الميلاد الملكي، وبسرعة اتصل العميد برئيس الديوان الملكي مراد محسن باشا وعرض عليه تقديم عرض مسرحي في هذه المناسبة السعيدة يشترك في بطولته طلبة وطالبات المعهد، وإذا حدث وأعجب الملك بالعرض فإن زكي طليمات سينتهز هذه الفرصة لكي يطلب ميزانية واعتمادات مادية للمعهد.

وتابع، "أن كلمة واحدة من الملك تنهي كل شيء، إذا قال مثلا لأحد الأشخاص إزيك يا بيك يُصبح في اليوم التالي بيك فورًا، وإذا قال الشخص آخر إزيك يا باشا يُصبح باشا فورا، كانت كلمتا بيك وباشا على لسان الملك دائما وهو يُصافح الذين يقابلونه ويلتقون به، ولهذا السبب أصبح عندنا باشوات وبكوات بلا عدد".

ـ فاروق بين الجمهور

وواصل شوقي: "كنت أول من دخل إلى خشبة المسرح، ثم دخلت الزميلة فاتن حمامة، وعندما جاءت عيناها في عيني الملك ارتبكت وتلعثمت لحظات لكنها سرعان ما تماسكت واستعادت رباطة جأشها وبدأت تؤدي دورها، وأنا أرد عليها وأبادلها الحوار، ثم دخل الزميل شكري سرحان وهو يحاول أن يتغلب على اضطرابه الداخلي وعندما أسدل الستار دوى التصفيق داخل هذه القاعة التي أقيم فيها هذا المسرح".

وأردف، "في الكواليس كان العميد زكي طليمات يأخذني في أحضانه مهنئني بنجاحي في أداء الدور، أقصد الدورين، ثم جاء سكرتير البرنسيسة شويكار عمة الملك، كان يرتدي ملابس السهرة الردنجوت، وتطلع إلينا وركز نظراته فوق وجهي وأمرني أن أدنو، ماذا يُريد مني هذا الرجل؟! وفهمت أنني يجب أن أنتظر لكي أصافح عمة الملك، وانتظرت ربع ساعة ونصف ساعة، ثم ساعة كاملة، ثم جاء سكرتير عمة الملك لكي يصطحبني إلى الحفل الملكي، حفل عيد ميلاد الملك".

ـ احنا غلابة فعلا

وأكمل: "وأصبحت فجأة وسط الوزراء والباشوات والبكوات، عالم غريب لم أصادفه من قبل، كدت أفر هاربا من هذا الموقف الصعب، جميع أنواع المشروبات والمأكولات والموضات، وأميرات وسيدات جميلات يرتدين ملابس الشهرة وموسيقى راقصة، وذهب وياقوت ومرجان وقطع الألماس الغالية تلمع فوق صدور النساء وحول أصابع الباشوات، ويسقط الضوء على قطع ألماس فتنعكس منها أشعة سحرية خلابة، ما هذا يا ربي؟ ليلة من ألف ليلة وكاد لعابي أن يسيل عندما رأيتُ وشممت رائحة الديوك الرومي والخراف المشوية، كل ما تشتهيه الأنفس موجود هنا، ورأيت الشمبانيا لأول مرة، ورأيتُ بقايا الطعام فوق الموائد الكبيرة، إن هذه البقايا الملكية تكفي وحدها لإطعام 1000 أسرة جائعة، الإنجليز يحتلون البلاد، والشعب جائع، والقصر بعيد جدا عن هذا الذي يحدث في البيوت والشوارع".

واستكمل، "لقد سمعت كثيرا عن هذه الحفلات الملكية لكن خيالي مهما كان نشيطا فإنه كان عاجزا عن تصور الذي أراه الآن، كل هذا البذخ وكل هذه الرفاهية، وقلت لنفسي: إننا لا نعيش، لسنا أحياء في هذه الدنيا.. إننا غلابة فعلا".

ـ رقصة مع الملك

وتابع: "وانكمشت صامتا إلى جانب الأستاذ زكي طليمات الذي قدمني لرئيس الديوان الملكي، ثم رأيتُ الملك فاروق ضحكته مجلجلة يكاد يهتز لها المكان، إذا ضحك يضحك الجميع من ورائه وإذا صمت يسود صمت الجميع، حتى لو كان ضحكًا بلا معنى فإنهم أيضًا يضحكون ضحكا منافقًا جدا، ولم تفارق عيناي جلالة الملك الضاحك الباسم، إنه يُراقص واحدةً ثم يتركها ليراقص أخرى، وثالثة ورابعة، يبتسم لهذه ويُداعب تلك، وكل نساء الحفل يتهافتن عليه وكل واحدة منهن تتمنى أن ترقص مع الملك".



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك