نبيل نعوم يكتب: علم الآثار الخرافي - بوابة الشروق
الجمعة 20 سبتمبر 2024 2:46 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نبيل نعوم يكتب: علم الآثار الخرافي


نشر في: الجمعة 31 مايو 2024 - 6:38 م | آخر تحديث: الجمعة 31 مايو 2024 - 6:38 م

والخرافى هنا بمعنى الغيبى أو علم الآثار القديمة الزائف وغير العلمى أو غير المتفق عليه من بقية علماء الآثار والحضارات. وأحد مؤسسى هذا الاتجاه فى المدة الأخيرة هو الكاتب والصحفى جراهام هانكوك Graham Hancock، الإنجليزى والمولود عام 1950 والذى يؤمن بوجود حضارة قوية ومتقدمة قبل حضارتى مصر وسومريا، وفُقدت بفقد قارة أطلانطس الافتراضية والأسطورية والتى لم يثبت وجودها حتى الآن بدليل قاطع غير فى ذكر بعض الرواة أو الفلاسفة القدامى مثل أفلاطون وقد ذكرها فى محاوراته التى تحكى عما حدثه جده سولون عن رحلته إلى مصر، ولقائه مع الكهنة هناك وحديثهم عن القارة الأطلسية التى حكمت العالم. وحسب نظرية هانكوك فعن هذه الحضارة يرجع بناء أبى الهول والأهرامات. هنالك أيضا راندول كارلسون Randall Carlson، الذى يؤمن بنظرية قوة الاهتزاز أو الذبذبة التى بإمكانها تحريك المادة ويعتقد أن رفع الأحجار الضخمة فى بناء الأهرامات أو سقف حجرة الدفن فى هرم خوفو المصنوعة من الجرانيت ويبلغ وزن كل منها 70 طنا قد تم رفعها عن طريق إنشاد الكهنة القدماء.

هذا ولكليهما برامج تليفزيونية شديدة النجاح والكتب الأكثر مبيعا. فى 2022 بدأ هانكوك سلسلة تلفزيونية على نتفلكس بعنوان َAncient Apocalypse حيث يتتبع فيها فريق تصوير رحلات هانكوك للبحث عن المدن المفقودة والعمالقة والحضارات التى أهملها التاريخ الرسمى كأطلانطس التى غمرها البحر أو الأهرامات.
ويزعم هانكوك أن بناة الأهرام كان من المستحيل عليهم رفع مثل تلك الأحجار التى بسقف غرفة الدفن بهرم خوفو عن طريق سحبها على منحدر لأن قانون الطبيعة يؤكد استحالة رفع مثل هذه الأحجار على منحدر بزاوية أكثر من 10 درجات، وذلك بفرض بناء المنحدرات حول الهرم حتى الوصول إلى قمته. وهذا مما أضحك علماء الفيزياء المتخصصين إذ لا يوجد أى مانع من رفع أى كتلة بأى وزن على المنحدرات بمثل هذه الزوايا. وحسب إحدى نظريات هانكوك فإن بناة الأهرامات كان لديهم قوى روحية وباطنية أو نفسية psychic powers والتى حسب اعتقاد المؤمنين بها، القدرة على التأثير على عقول الآخرين والاتصال بالأرواح وتحريك المادة، بل تحويل الكائن الحى إلى حجر بالنظر فى عينه. وبهذا كان بإمكانهم رفع مثل هذه الأحجار إلى أماكنها دون الحاجة إلى منحدر طويل من الرمل الذى لم يوجد له أثر باق من حول الأهرامات. هو أيضا يقترح الحل المثالى لتحقيق معجزة بناء الأهرامات، متفقا مع راندول كارلسون، وذلك عن طريق إنشاد الكهنة، إذ للإنشاد قوة هائلة، وأن علماء الآثار والتنقيب على الآثار فاتهم التفكير فى قوة الصوت وذبذبته. وهنا فات هانكوك الذى يعتمد عل الخرائط القديمة لإثبات وجود أطلانتس، وجود جدارية بدير البرشا بملوى، بمقبرة النبيل جحوتى حتب، الذى كان حاكما إقليميا من الدولة الوسطى وعاصر الملك سنوسرت الثانى والثالث. توضح لنا هذه الجدارية طريقة قدماء المصريين فى نقل أحد التماثيل الضخمة وهو فى وضع الجلوس أثناء نقله على زحافة يجرها مئات الرجال بحبال، ويظهر أمام الزحافة رجل يصب سائلا لتسهيل حركة الزحافة على الأرض، ويقلل من الاحتكاك، وأيضا استخدامهم لكتل خشبية أسطوانية الشكل موضوعة تحت الزحافة.
كما أن هنالك العديد من البرديات التى تبين مدى تقدم قدماء المصريين فى علمى الحساب والهندسة، وأيضا تثبت لنا النقوش على جدران المعابد والمقابر طرق ووسائل التحنيط، بل تفاصيل الحياة اليومية لبشر مثلنا ليسوا بعمالقة ولا فى رحلات سياحية من الفضاء والكواكب الأخرى. وبالبحث والتنقيب تتمكن علوم تاريخ الآثار والحضارات عن طريق البقايا المادية لتلك الحضارات القديمة تأريخ الفترات المختلفة من تاريخ تطورنا الحضارى، بقراءة المكتوب على المواد المختلفة، أو التماثيل الصغيرة والعملاقة، بل أيضا على كسرات الفخار أو قطع الحجارة المسطحة «الأوستراكا».
وإن كان فى العديد من الأساطير والحكايات الكثير من قصص المعجزات التى من الصعب تفسيرها حتى وإن نقلتها الأجيال عن الأجيال السابقة كما فى قصة أفلاطون وأبيه، وذلك لتوطيد الإيمان بمعتقدات ثابتة من الصعب إنكارها وألا تزعزع إيمان المؤمنين بهذه المعجزات الخارقة للعادة. فهنالك أيضا بعض المدارس العلمية التى تناقش التاريخ وتـاريخ الآثار تبعا للميزان العقلى والواقع المادى لإثبات عدم صحة معظم هذه الحكايات بدراسة ما بقى من آثار هذه الشعوب والحضارات.
وعن مصر القديمة نجد من الحكايات ما كتب ابن عبد الحكم، مؤرخ القرن الثالث الهجرى التاسع الميلادى الذى نقلا عما سمعه يقول إن الرجل منهم كان يجلس فى ظله أكثر من سبعين رجلا من الأجانب. ويحكى عن سبب بناء المعبد الكبير الذى بنته الملكة «دلوكة» فيقول إنه وبعد غرق فرعون وأعوانه، فى البحر الأحمر بعد عبور موسى، صارت مصر مملكة بلا ملك يحكمها النساء، فاختاروا من بين نسائهم «دلوكه» التى كانت تبلغ الستين بعد المائة من عمرها بسبب خبرتها بالسحر، وأنها «دلوكه» وبمعونة «ندوره» الساحرة الكبرى، أقامتا سورا من حول مصر لرد الأعادى من الرجال الذين تاقت نفسهم لنساء مصر. وقالت «ندوره» فلأبنى هيكلا وأصور فيه كل من ابتغى أن يغير علينا من البر أو البحر، فرسمت السفن على سطح المياه، والأحصنة يقودها الفرسان، والبدو يحملون السهام، وقالت لنساء مصر إن أتاكم العدو، فكما تفعلون بالصور يصير بالأعداء. إن أغرقتم السفن المنقوشة على المعبد غرقت سفنهم، وإن قطعتم رءوس خيولهم سقط فرسانهم.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك