دبابات وطائرات أم منح دراسية؟ - توماس فريدمان - بوابة الشروق
الإثنين 30 سبتمبر 2024 10:23 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

دبابات وطائرات أم منح دراسية؟

نشر فى : الإثنين 7 مايو 2012 - 8:50 ص | آخر تحديث : الإثنين 7 مايو 2012 - 8:50 ص

وهكذا، حدث أن قدمت أمريكا فى عام  2012 ــ بعد عام من انطلاق الصحوة العربية التزامين ماليين إلى العالم العربى، يبدأ كل منهما بالأرقام 1 و3.

 

لقد أعطت مصر 1.3 مليار دولار، قيمة دبابات وطائرات مقاتلة، وأعطت لتلاميذ المدارس العامة اللبنانيين 13.5 مليون دولار، لبرامج المنح الدراسية الممنوحة للمتفوقين، التى تضع حاليا 117 طفلا لبنانيا عبر كليات على النمط الأمريكى المحلى، وتعزز التسامح، والمساواة النوعية والاجتماعية، والتفكير النقدى. وكنت مؤخرا فى مصر، وكنت للتو فى لبنان، وأستطيع القول باطمئنان إن مبلغ 13.5 مليون دولار فى المنح الدراسية الكاملة، حقق بالفعل لأمريكا علاقات ودية واستقرارا أكثر مما سيحققه مبلغ 1.3 مليار دولار قيمة الدبابات والطائرات فى أى وقت من الأوقات.

 

كيف إذن نتوقف عن أن نكون أغبياء؟ كيف نتوقف عن الإنفاق على طائرات ودبابات تذهب إلى دولة لا يستطيع نصف نساؤها وربع رجالها القراءة، ونبدأ بدلا من ذلك، فى الإنفاق على المنح الدراسية؟

 

●●●

 

وفى الوقت الراهن، أقوم بجولات واسعة فى العالم العربى، وأقضى أطول وقت ممكن مع مدرسى المدراس والتلاميذ والشباب العرب الذين يحققون بدايات تكنولوجية وأقل وقت ممكن مع المسئولين. وكان يقودنى اقتناعى بالدوافع الفعلية لثورتى تونس وميدان التحرير: الشباب العربى ــ 70% من سكان المنطقة دون الثلاثين ــ الذين كان يهينهم ويحبطهم عدم الالتفات إليهم. وكانت هذه الصحوة العربية سبيلهم إلى قول: نريد الحرية، والتعبير عن أنفسنا، والوسائل التعليمية، وفرص العمل، وحكومة غير فاسدة حتى تدرك ما لدنيا من قدرة كاملة. وقد تمثل فى ذلك السبب فى اشتعال هذه الثورة.

 

نعم، استغل الإخوان المسلمون الانفراج الذى خلقته الانتفاضات، لأنهم أكثر الأحزاب تنظيما. ولكن إذا لم يستجِب الإسلاميون إلى الدوافع الحقيقية لهذه الثورة ــ تلك الرغبة العميقة فى التعليم والعمل والكرامة التى حققوها ــ فسوف يواجهون كذلك تمردا فى نهاية المطاف.

 

 

وإذا أرادت أمريكا التواصل مع الطموحات الحقيقية لهذه الثورات، فسوف تتوسع فى برامج المنح الدراسية للوكالة الأمريكية للتنمية العالمية، التى بدأت فى لبنان بـ13.5 مليون دولار، إلى بلدان أخرى ضمن الصحوة العربية. وبهذه المناسبة، أحيى الرئيس أوباما ووزيرة الخارجية هيلارى كلينتون وراجيف شاه مدير الوكالة الأمريكية للتنمية العالمية، وأعضاء الكونجرس الذين أتاحوا انطلاق هذا المشروع.

 

وتبنى إيران سدودا وطرقا حول لبنان، مزينة بعبارة «شكرا إيران». ولكن لا يوجد من يقف فى صف من أجل الالتحاق بجامعة طهران. لكنهم ما زالوا يصطفون للحصول على المنح الدراسية الأمريكية، على الرغم من أن أحد شروطها ضرورة قيام الفائرين بخدمات اجتماعية، وبهذا نساعد فى بناء مواطنين أفضل أيضا.

 

●●●

 

عرفتنى السفارة الأمريكية فى بيروت على أربعة طلاب لبنانيين من الحاصلين على المنحة الدراسية هذا العام ــ وقد التحقوا إما بالجامعة الأمريكية بلبنان، وإما جامعة هايكازيان، اللتين تمنحان درجات البكالوريوس على النمط الأمريكى الحديث.

 

وقالت لى إسراء ياسين، التى تدرس علوم الكمبيوتر، وعمرها 18 عاما من قرية قب إيليا: «يساعد البرنامج ككل فى جعل الشباب قادرين على تحويل هذا البلد إلى ما ينبغى أن يكون عليه، وتستطيع الوصول إلى ذلك. إننا جيدون، ولدينا القدرات اللازمة، ونستطيع فعل الكثير، لكننا لم نحصل على فرصة. أنهى أخى توا تعليمه الثانوى، ولا يستطيع تحمل نفقة التعليم فى الجامعة. فتوقف مستقبله فعليا. وتعطينا الولايات المتحدة الفرصة لنصنع الاختلاف. وأعتقد أننا لو أُعطينا الفرصة، سيكون باستطاعتنا التفوق. ولن يستهان بنا بعد اليوم. شىء محزن بالفعل أن ترى جيلا كاملا فى القرى اللبنانية، مئات الشباب لا يفعلون شيئا، لا عمل، ولا كليات».

 

وبعد الحصول على المنحة الدراسية الأمريكية، قالت ياسين: «تحمل أسرتى ومجتمعى المحلى الآن مشاعر مختلفة حول أمريكا. فلماذا سيكرهون من يساعدهم؟»

 

انتشرت عبارة المنح الدراسية الأمريكية سريعا؛ ويحدث الآن توسع كبير فى البرنامج بالنسبة لطلبات الالتحاق للعام المقبل، والغالبية من الشابات. إذ قالت لى وصال شعبان، 18 عاما من طرابلس، وملتحقة أيضا بالجامعة الأمريكية فى بيروت ودرست التسويق: «لدينا كثير من المواهب فى الشرق الأوسط، ولا يشعر الشباب بأن هناك تقديرا لهم. إنهم يشعرون أن أصواتهم تُخرس، ولا يستمع إليهم جيدا».

 

وقالت إن هذا البرنامج يحقق مصلحة أمريكا، لأنها تلحق الشباب بالكليات التى «تشجع على الانفتاح، على قبول الآخر، دون التفات لمدى الاختلاف، حتى وإن كان من ديانة أخرى».

 

أتمنى لو تعطى حكومتى منحا دراسية أكثر إلى الأمريكيين، لكن بما أننا رصدنا هذه الأموال على نحو خاص لمساعدة الأجانب، فلنستخدمها على نحو ذكى. وبإمكاننا الاستمرار فى تقديم المعونة العسكرية أيضا ــ لكن بنسبة صحيحة.

 

●●●

 

أثناء وجودى فى عمان، التقيت ببعض معلمى المدارس فى أكاديمية الملكة رانيا للمعلمين بالأردن المثيرة للإعجاب التى تعمل مع فريق من جامعة كولومبيا لتحديث المهارات التعليمية. وتحدثنا حول التناقض بين استخدام 13.5 مليون دولار فى المنح الدراسية الأمريكية، و1.3 مليار دولار فى المعونة العسكرية.

 

وقدمت جمانة جابر، مدرسة اللغة الانجليزية فى مدرسة عمان العامة، تلخيصا للموضوع على نحو ليس بوسعى تقديم أفضل منه إطلاقا.

 

قالت إن أحدهما يمثل «صناعة البشر، والآخر من أجل قتل البشر». ثم أضافت إذا كانت أمريكا تريد إنفاق أموالها على تدريب الجنود، فلا بأس، فـ«المعلمون جنود أيضا، وبالتالى لماذا لا تنفق المال على تدريبنا؟ إننا من يعلم الجنود الذين تنفق 1.3 مليار دولار عليهم».

 

كل الحقوق محفوظة لشركة النيويورك تايمز لمبيعات الخدمات الصحفية. يحظر نشر هذه المادة او إذاعتها او توزيعها بأي صورة من الصور

توماس فريدمان  صحفي أمريكي مهتم بشئون الشرق الأوسط
التعليقات