لاشك أن العالم يعيش حقبة فارقة غير مسبوقة من تاريخه، يتعرض فيها لمواجهة تغييرات اقتصادية واجتماعية، نتيجة لتلك الجائحة التى طالت الإنسان فى كل مكان على سطح الأرض، وبالتالى أثرت فى كل مناحى نشاطاته، فى مواجهة ضراوة ذلك الفيروس وطفراته المتعددة التى لا تبقيه على حال ارتبك العالم بأسره. لكن ورغم ما يكتنف الأمر من غموض وما يتردد من نظريات عن نشأة هذا الفيروس وما يتبعه من استراتيجيات لمواجهة الاجتياح الكارثى أهمها سباق صناعات اللقاح الواقى وسياسات التباعد الاجتماعى التى اختلفت من دولة لأخرى، إلا أن الوعى الانسانى ظل المحرك الأساسى لإيقاع المعركة التى تدور على الأرض.
يظل المشهد المصرى فى أيام الكرب هو ما يؤرقنى منذ بداية شهر رمضان الكريم لم تتوقف دعوات الإفطار التى دون أى شك اعتذرت عنها دونما اللجوء لسبب وهمى يغضبنى الحرج فى مقابل الدعوة الكريمة.
أما على المستوى العام فالأمر مذهل: على كل وسائل التواصل الاجتماعى مظاهر الاحتفال برمضان. لم يتوقف تقليد الخيم الرمضانية وإن اتخذ شكلا أكثر خصوصة فانتقل إلى المنازل وحدائق الفيلات فى مختلف المواقع السكنية التى انتشرت فى مصر تحت اسم «الكمبوند»، ثم إلى العين السخنة والساحل الشمالى على طول امتداده.
عدت من زيارة لابنتى التى تعمل وزوجها وتقيم فى دبى: توجيهات الحكومة لا تسمح باستضافة أى ضيوف على مائدة الافطار وتمنع التجمعات العائلية الكبيرة فى منزل واحد حتى لو كان التجمع فى حديقة المنزل. تمر عربات البوليس داخل المواقع السكنية «الكمبوند» لترصد أى عربات غريبة تعلن عن زيارة لأصحاب البيت إلى جانب إلزام إدارة الموقع بالتبليغ عن أى زيارات خلال شهر رمضان أو الغرامة الباهظة.
برنامج الوقاية فى دبى يلزم الجميع بلا استثناء بإجراء اختبار PCR قبل دخول البلاد وعند مغادرتها بغض النظر عن أى دولة يقصدها، وإن كانت تشترط إجراء الاختبار من عدمه.
مراكز التسوق مفتوحة إلى الثانية عشرة مساء لكنى لم أشاهد إنسانا فريدا بلا قناع وجه فى أي مكان.
المطاعم مفتوحة للإفطار وأثناء النهار لكن التجمعات محظورة، الموائد محددة بسبعة أشخاص فقط، مع مراعاة كل قواعد التباعد الاجتماعى.
لم أسمع مجرد إشاعة عن خروج مواطن على توجيهات الحكومة أو اعتراض أحد على كل التعليمات بلا استثناء. الأمور تسير فى هدوء ونظام، قد يشير أحد إلى أن دبى ملتقى الأجانب فى العالم بين من يعملون فى شركاتها من جنسيات مختلفة أو من يزورونها بغرض السياحة. أقول كان هذا أدعى لأن تظهر التناقضات لكن التزام المواطنين من أهل دبى بالغ الوضوح إلي جانب كل الاجانب، المدارس فى دبى أعدت مناهج خاصة للحديث عن الجائحة ووسائل الوقاية منها للأطفال.
ما يحدث فى بلادى للأسف هو حوار «الطرشان»، واعتذر بصدق عن اللفظ الدارج الذى لم تسعفنى ذاكرتى بلفط أو تعبير بديل، ومن الواضح أن هناك عوامل كثيرة خفية تزيد الأمر تعقيدا بين الحكومة والمواطن العادى.
أسئلة كثيرة أتمنى لو تلقيت مساعدة بشأن الإجابة عنها من قارئ «الشروق» الكريم، ربما بددت بعضا من ذلك الغموض الذى يكتنف المشهد المصرى فيجعل منه مجموعة من الظواهر الخاصة التى تثير الدهشة والعجب بينما الوضوح والجدية والالتزام مظاهر غائبة تماما.
لماذا تأخرت الحكومة عن إصدار حزمة من القرارات الملزمة للمواطنين للحد من التجمعات ومظاهر الاحتفالات وكل النشاطات التى تساعد على انتشار العدوى كالنار فى الهشيم؟
ماذا عن برامج التطعيم فى العشوائيات والريف المصرى والصعيد وكل مكان فى مصر لا يلجأ مواطنوه للمواقع لتسجيل أسمائهم إذا سلمنا بأن النظام الحالى قد حقق بعضا من النجاح.
لماذا لا تصدر الحكومة بيانا رسميا للمواطنين عن حقيقة برامج التطعيم فى مصر واختيارات أصحاب الشأن الصحى التى انحصرت فى اللقاح الصينى ولقاح اكسفورد.
كيف يمكن أن تستمر أنشطة تشرف عليها الدولة إلي الآن مع ارتفاع من الموجة الثالثة من العدوى.
لماذا تأتى تصريحات نقابة الأطباء مناقضة لوزارة الصحة فى أحيان كثيرة؟
وما معنى هذا التناقض فى ظل وقائع كثيرة يسجلها الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعى؟
لماذا لا تدير وزارة الصحة حوارا بينها وبين بعض الأطباء الذين يرفضون برامج التطعيم. ألا تدرى حقا قيادات وزارة الصحة خطورة هذا الموقف؟
مازالت الأسئلة المحيرة تؤرقنى.. وقد أكتفى بتلك هذه المرة ربما كان فى إجاباتها ردا على أسئلة أخرى تأتى في وقتها.
دمتم جميعا سالمين