انسف حمامك القديم - غادة عبد العال - بوابة الشروق
الخميس 19 ديسمبر 2024 12:43 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

انسف حمامك القديم

نشر فى : الأربعاء 1 يونيو 2011 - 8:12 ص | آخر تحديث : الأربعاء 1 يونيو 2011 - 8:12 ص

 ربنا ياخدكم يا أس البلاوى ويريحنا منكم بقى، صرخها الرجل غاضبا فى وجه صديقتى التى اصطدمت به عن غير عمد فى محطة المترو، هى جملة معتادة ومش مستغربة، بل هى تقريبا رابع أشهر جملة فى مصر بعد صباح الخير، وسلام عليكم، ومعاك ولعة؟، تكتسب بالطبع أهمية خاصة مؤخرا بعد قصص «كاميليا» و«عبير» وأخواتهن لكن ده ما يعنيش أبدا إنها بتختفى فى الأوقات اللى الحب فيها ما بيولعش فى الدرة، بل أشعر أنا وأنت أن المجتمع بأكمله فعلا نفسه يخلص مننا ويرتاح بقى.. وكأننا مش من هنا، وكأن الحياة كلها المفروض تبقى بس بشنبات وإحنا اللى جينا بوظنا الصورة الجميلة اللى المفروض يبقى عليها المجتمع، التار البايت ده اللى بيخلى أى رجل مصرى أصيل ماشى فى حاله فى الشارع تجيله حالة من الهياج العصبى والانهيار المعنوى والاستثارة النفسية والربو المزمن إذا سمع أى واحدة موجودة فى دايرة قطرها 5 كيلو بتهمس لنفسها بعبارة «حقوق المرأة»، حقوق مرأة؟، انتوا لسه ناقصين حقوق، ربنا ياخدكم يا أس البلاوى ويريحنا منكم بقى.. تانى، يتخيل الرجل عموما وفى منطقتنا الشرقية الهادئة على وجه الخصوص إن الحياة خناقة، عاركة بين طرفين وأى طرف بياخد فيهم حق زيادة ده معناه حقوق أقل للطرف التانى، ولذلك فهو يقاوم بشراسة أى قانون يمنح المرأة أية فرصة لتلقى لقب مواطن درجة أولى، ويؤمن إيمانا لا يتزعزع أن الواجب الوطنى والدينى والإنسانى يحتم عليه أن تكون إجابته لأى مطلب أو سؤال أو رجاء توجهه له المرأة مطالبة ـ بما تسميه هى ـ حقوقها هو لأ بالفم المليان.

هذا المواطن المصرى الذى يدافع باستماتة عن الصفة الذكورية للمجتمع جاتله بعد الثورة فرصة سانحة، بعد أن رفع الجميع شعار، «كل سنة وانت طيب، الكلام ده كان قبل الثورة يا باشا» ليعبر به كل من لهم حق وأكثر من ليس لهم حق عن وجوب تغير اليوم عن البارحة، كل اللى عايز يركن مخالف، أو يسوق من غير رخصة، أو يتسبب فى إزعاج الآخرين أو ياخد حق مش بتاعه، بياخد من الثورة مبرر لرغبته فى الخروج على القوانين، الثورة على القوانين، كل القوانين، هدم كل اللى حصل فى التلاتين سنة اللى فاتت والاعتراض على كل اللى ما جرى وكان سواء كان صح أو غلط، وهو اللى بيحصل دلوقتى مع قوانين كتير تم إقرارها خلال فترة التلاتين سنة اللى فاتت اسمها الحقيقى «قوانين الأسرة» بينما يطلق عليها كارهوها اسم «قوانين سوزان مبارك».. قوانين تتعلق بالخلع، تجريم الختان، الحضانة وكوتة المرأة فى مجلس الشعب، وبينما أنا معاك إن فيه قوانين من دى محتاجة إعادة نظر، لكن ما ينفعش أبدا نتعامل معاها بنظرية إنسف حمامك القديم لمجرد إن السيدة الأولى السابقة كان ليها دور فى إقرارها، أنا عارفه إن ده شىء صعب يقتنع بيه المؤمنين بنظرية العاركة الدائمة بين الرجل والمرأة، لكن لو كل رجل بطل يفكر فى القوانين دى وقدامه صورة مراته وابتدى يفكر فيها وقدامه صورة بنته، صدقنى هتفرق كتير.

تخيل بنتك بعد ما كبرت ووصلت لسن الجواز ووقع حظها فى إنسان مش جدير بيها، مش هيبقى نفسك يبقى فيه قانون ينصفها؟، تخيل بنتك وهى نفسها تخدم بلدها سياسيا وإنت متأكد إن مخها يوزن بلد بس الناس عمرها ما هتنتخبها لتمثيلهم لمجرد إنها بنت، مش هيبقى فى نفسك قانون يمكنها من أداء دورها؟، تخيل وتخيل، فى كل سيناريو لو حطيت صورة بنتك بدل صورة مراتك، صدقنى هتغير رأيك فى حاجات كتير، أما عن المبدأ عموما، فقوانين الأسرة وقوانين المرور وقوانين الضرائب وقوانين أخرى كتيرة، ما ينفعش نطالب بسقوطها وإبطال العمل بيها لمجرد إنها اتخذت فى وقت سيطرة نظام يسوده القمع والظلم، ندرسها كويس ونحتفظ بالمفيد ونعيد النظر فى اللى مش ولابد، وننتبه لدعوات إلغاء قوانين بعينها بناء على مصالح شخصية أو نتيجة لعلو صوت مجموعة عن مجموعة، وننتبه كويس لأنه ما ينفعش نتعامل مع عشرات السنين فى حياتنا بنظرية إنسف حمامك القديم وخلاص لأننا فى النهاية كلنا هنبقى خسرانين.

التعليقات