على الرغم من أن كبار المسئولين الأمنيين فى إسرائيل لم يعربوا علنا عن رضاهم عن فتح معبر رفح أمام المسافرين الفلسطينيين «بدءا من 28 مايو 2011» إلا أن الشعور السائد فى أروقة المؤسسة الأمنية الإسرائيلية إزاء هذه الخطوة المصرية الأحادية الجانب ينم عن الارتياح، مع الأمل بأن يؤدى ذلك فى نهاية المطاف إلى الانفصال نهائيا عن قطاع غزة، وإلقاء المسئولية الكاملة عن مصير سكانه على عاتق مصر.
ومع أن وسائل الإعلام العربية، وخصوصا قناة الجزيرة، اعتبرت فتح معبر رفح بمثابة إهانة موجهة لإسرائيل، إلا أن ما يجب الانتباه إليه هوو أن مصر عندما أقدمت على هذه الخطوة لم تستخف بإسرائيل فحسب، بل استخفت أيضا بشركائها الآخرين فى الاتفاق الخاص بهذا المعبر، وهم الولايات المتحدة ودول الرباعية الدولية والسلطة الفلسطينية، غير أن أيا من هؤلاء الشركاء لم يسارع إلى شجب ذلك.
ويعود سبب عدم الشجب هذا إلى حقيقة أن الاتفاق بشأن معبر رفح لم يعد ذا صلة عقب آخر التطورات فى الشرق الأوسط «الثورة المصرية وسائر الثورات العربية» التى نجم عنها عبور مئات آلاف الفلسطينيين المعبر. أما الذين يدعون أنه يمكن تهريب الجندى الإسرائيلى جلعاد شاليط «الأسير لدى حماس» عبر المعبر وفى حال تم فتحه، فإن عليهم أن يأخذوا فى الاعتبار أنه يمكن تهريبه عبر الأنفاق، فضلا عن أن هذه الأنفاق تشكل أيضا وسيلة لا يمكن ضبطها لتهريب الأسلحة والوسائل القتالية.
وبطبيعة الحال يمكن لإسرائيل، فى إثر فتح معبر رفح، أن تدعى أنه لم يعد هناك حصار مفروض على غزة، وفى حال وجود شكاوى بشأن مشكلات عويصة فإن العنوان هو مصر لا إسرائيل، كذلك لم تعد هناك حاجة لقوافل السفن القادمة إلى غزة.
إن كل ما ذكرناه يثبت أن إسرائيل يمكن أن تكون المستفيد الأكبر من فتح معبر رفح، وذلك على الرغم من أن فتحه تم من إجل إرضاء حركة الإخوان المسلمين فى مصر من خلال منح حركة «حماس» إنجازا دبلوماسيا ــ نفسيا ــ سياسيا، على الرغم من أن ذلك يعتبر إشارة واضحة إلى تدهور العلاقات بين إسرائيل ومصر إلى درجة قيام هذه الأخيرة بانتهاك اتفاق وقعته مع إسرائيل بصورة فظة.