هل تحتاج مواجهة إيران إلى عقد ثلاث قمم خليجية وعربية وإسلامية فى مكة المكرمة؟!
لست أنا صاحب هذا السؤال، لكن قرأته فى افتتاحية صحيفة «رأى العرب» التى تمولها قطر، ويترأس تحريرها عبدالبارى عطوان. هو يجيب بأن مواجهة إيران مسألة خلافية، ولا تحظى بإجماع خليجى أو عربى أو إسلامى، وبالتالى لم يكن هناك داعٍ لعقد هذه القمم.
أظن ان افتتاحية هذه الجريدة تعبر إلى حد كبير عن الموقف القطرى، المختلف جذريا مع السعودية، رغم ان المملكة دعت قطر للقمم الثلاثة.
لكن من وجهة النظر السعودية، فإن التدخلات والاعتداءات الإيرانية وصلت إلى مرحلة يصعب معها السكوت، وبالتالى كان مهما عقد هذه القمم الثلاثة لتبعث برسالة إلى طهران بأنها صارت معزولة عمليا فى العالم العربى والاسلامى.
الرياض تتباهى بقوتها الدبلوماسية، ويقول إعلامها إنه بعد ٣٦ ساعة فقط من الدعوة للقمة العربية الطارئة، كانت هناك موافقة كاسحة من ١٦ دولة، فى حين أن بعض القمم العادية، تأجلت كثيرا، وكادت ألا تعقد بسبب الانقسامات والتجاذبات.كما ان حجم التمثيل كان الاكبر والاعلى من نوعه منذ سنوات طويلة.
تعتقد الرياض أنه لابد من وقفة خليجية عربية إسلامية جادة ضد التدخلات الإيرانية، وترد طهران بأن المملكة تستغل شهر رمضان لأغراض سياسية، وأن البيان الصادر عن القمة العربية الطارئة فى مكة ليلة الخميس الماضى، لا يعبر عن رأى كل الأعضاء، فى إشارة بالطبع إلى التحفظ العراقى.
وعلى عهدة رئيسها حسن روحانى، ترى إيران أن الأولوية ينبغى أن تكون «للقبلة الأولى» أى المسجد الأقصى، ومواجهة صفقة القرن الأمريكية الإسرائيلية الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية.
الإعلام السعودى عموما والخليجى خصوصا، شن حملة شعواء على إيران ووكلائها خلال انعقاد القمم، مؤكدا أن الذى يهدد الأمن الخليجى هو إيران ولا أحد غيرها.
حمد الكعبى فى الاتحاد الإماراتية قال إنه «مهما كان سقف التوقعات منخفضا من القمم العربية، إلا أن انعقادها يظل مصلحة عربية».
أما حمود أبوطالب فكتب فى عكاظ السعودية، أن الكلمة العربية الموحدة «ستحجم إيران وتعيدها إلى داخل حدودها، وتقتلع وكلاءها وتسحب جواسيسها ومرتزقتها».
أبوطالب يرى أن الدبلوماسية السعودية تحولت من الحياد إلى المبادرة، و«على كل طرف أن يكشف عن موقفه الآن لأن الحياد يعتبر خيانة فى مثل هذه المواقف الوجودية».
فى تقدير السعودية وعد كبير من الدول العربية وكذلك الأمين العام للجامعة العربية السفير أحمد أبوالغيط خلال كلمته الافتتاحية، فإن القمة العربية أرسلت رسالة واضحة وحازمة لكل من يحاول التدخل فى شأن الخليج، أو يحاول التعرض للسعودية والإمارات، وأن أمن الخليج من الأمن القومى العربى.
لكن هل هناك حل وسط يمثل بارقة أمل للخروج من المأزق الحالى الذى يمكن أن يتطور لصراع قومى عربى فارسى أو طائفى سنى شيعى؟!
أظن أن كلمة مصر، والتى ألقاها الرئيس عبدالفتاح السيسى كانت تتعامل مع شواغل الأمن القومى العربى الحقيقية، هى لم تنشغل بالتصعيد اللفظى ضد إيران، لكنها دعت إلى وجود مقاربة استراتيجية لأزمات المنطقة، والتعامل مع مصادر التهديد، وان الاستقرار لن يتحقق دون اقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، مع التأكيد على ان امن الخليج من صميم الامن القومى العربى.
البيان الختامى للقمم الثلاث كان واضحا فى تأييده للسعودية وبقية دول الخليج، ضد التهديدات الإيرانية، وكذلك الاعتداءات الحوثية على محطتى النفط فى الرياض والسفن التجارية الإماراتية قرب ميناء الفجيرة، والتى تقول السعودية إنها بدعم وأوامر إيرانىة صريحة، وهو ما يؤيده مستشار الأمن القرمى الأمريكى جون بولتون، الذى يقود جناحا فى الإدارة الأمريكية لشن الحرب فورا ضد إيران.
السؤال هل هذه البيانات، كافية من وجهة نظر السعودية لردع التنمر والتمدد الإيرانى فى بلدان عربية تحيط بالخليج العربى؟!
السؤال بصيغة أخرى: هل لو نشب صراع مسلح ــ لا قدر الله ــ ستجد السعودية والإمارات والبحرين من يقف معها عمليا فى هذه الحرب، أم أن قرار الحرب أساسا موجود فى واشنطن فقط؟، وهل ستظل إيران تمارس الحرب بالوكالة ضد الخليج وأمريكا؟، وهل سيتحمل الخليج مثل هذا الاستنزاف؟، وأخيرا متى تدرك إيران أنها ستخسر ايضا إذا نشبت هذه الحرب المجنونة فى المنطقة وأن الكاسب الأول والاكبر سيكون إسرائيل؟!