ترامب.. رمز شروخ المجتمع الأمريكى - صحافة عربية - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 8:51 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ترامب.. رمز شروخ المجتمع الأمريكى

نشر فى : السبت 1 يوليه 2023 - 8:25 م | آخر تحديث : السبت 1 يوليه 2023 - 8:25 م
نشر مركز الحوار العربى فى واشنطن مقالا للكاتب صبحى غندور، ذكر فيه أن ترامب هو مرشح الحزب الجمهورى الأوفر حظا لانتخابات الرئاسة المقبلة، رغم الدعاوى القانونية المقامة ضده الفترة الأخيرة والمتعلق بعضها بالأمن القومى الأمريكى. شرح الكاتب أيضا كيف استطاع ترامب بناء قاعدته الانتخابية التى مهدت لفوزه بالرئاسة عام 2016، ومن المرجح أن تدعمه هذه القاعدة فى انتخابات الرئاسة العام المقبل فارضة رأيها رغم الاعتراضات من داخل الحزب.. نعرض من المقال ما يلى.
تُظهر آخر استطلاعات الرأى داخل «الحزب الجمهورى»، والتى جرت فى منتصف الشهر الماضى، بأنّ دونالد ترامب ما زال لدى غالبية الجمهوريين والجمهوريات هو المرشّح الأفضل لمنصب الرئاسة فى انتخابات العام المقبل رغم كل الدعاوى القانونية التى أقيمت ضدّه فى عدّة ولايات. ويبدو أنّ من يؤيد ترامب لا يعنيه كثيرا ما فى مضمون هذه الدعاوى القانونية ويعتبرها مجرّد اتّهامات سياسية حزبية من إدارة بايدن!
حتما يملك ترامب تأثيرا كبيرا على القاعدة الشعبية للحزب الجمهورى، التى هى الآن مزيج من تحالف العنصريين البيض ومن أتباع للطائفة الإنجليكية المحافظة ومن الداعين لانتشار السلاح وحقوق حمله.
الطموحات السياسية لدونالد ترامب، والتى كانت تتراوح بين منصب حاكمية ولاية نيويورك وبين رئاسة «البيت الأبيض»، عمرها عقود من الزمن، وهى لم تقف على أرضية انتماء فكرى أو سياسى لحزب محدّد، بل انطبق على ترامب قول ميكيافيلى: «الغاية تبرّر الوسيلة»، وهذا ما فعله ترامب عقب فوز باراك أوباما بانتخابات العام 2008، حيث لمس حجم ردّة الفعل السلبية التى جرت فى أوساط الجماعات المحافظة والعنصرية داخل المجتمع الأمريكى، نتيجة فوز أمريكى من ذوى البشرة السوداء وابن مهاجر أفريقى مسلم، بأهمّ موقع سياسى فى أمريكا.
أيضا، أدرك ترامب ما حصل داخل الحزب الجمهورى فى العام 2010 من ظهور وتفوّق تيّار «حزب الشاى» المحافظ، والذى استطاع الحصول على غالبية أعضاء مجلس النواب فى الانتخابات النصفية، اعتمادا على التخويف الذى مارسه هذا التيّار من معانى فوز أوباما بالرئاسة الأمريكية، وعلى الحملات التى قام بها المرشّحون باسم هذا التيّار ضدّ المضامين الاجتماعية الليبرالية لأجندة أوباما وضدّ المهاجرات والمهاجرين عموما، ومن هم من دول العالم الإسلامى على وجه الخصوص!
وكان ما سبق ذكره كافيا لدونالد ترامب لكى يحسم خياراته الفكرية والسياسية لصالح القوى المنتمية لهذه الجماعات اليمينية المحافظة، التى تحرّكت ضدّ كل ما كان يرمز له أوباما من أجندة ومن أصول إثنية وعرقية ودينية وسياسية، وبحيث تحوّلت هذه القوى إلى تيّارٍ شعبى بنى لاحقا عليه ترامب قوّة قاعدته الانتخابية، والتى استطاعت تجاوز العديد من المرشّحين المعروفين فى الحزب الجمهورى.
فى المقابل، نجد أزمة «الحزب الديمقراطى» بما عليه الرئيس الحالى بايدن من ضعف فى نسبة تأييد الشعب الأمريكى له وعدم امتلاكه «كاريزما» الشخصية القيادية الجذّابة، إضافة إلى مشكلة كبر السن عنده، والتشكّك بقدرته على إدارة شئون أمريكا فى فترة رئاسية ثانية. وترى القيادات التقليدية فى «الحزب الديمقراطى» بأنّ جو بايدن هو المؤهّل لمنافسة دونالد ترامب فى انتخابات العام المقبل، وبأنّه المرشّح المعتدل القادر على استقطاب غالبية الأمريكيين التى لا تؤيّد التطرّف نحو اليسار الذى يُمثّله تيار بيرنى ساندرز وسط «الديمقراطيين»، ولا تريد عودة ترامب للبيت الأبيض بسبب سياساته المدعومة من الأمريكى اليمينى المتطرّف.
واقع الحال، أنّ المجتمع الأمريكى يسير نحو التطرّف بالاتجاهين المتعاكسين لأسباب موضوعية تزداد فعاليتها منذ بدء القرن الحالى. وما ينطبق على القوانين العلمية الفيزيائية يصحّ أيضا على المجتمعات والشعوب حيث لكلّ فعل ردّة فعل موازية لقوّته، ولذلك مقابل التطرّف «اليمينى» الذى تعيشه الولايات المتّحدة، هناك تطرّف نحو «اليسار» لدى المعارضين له، وهو أمرٌ يتجاوز بكثير مسألة الانقسامات السياسية والأيديولوجية ليشمل ما هو أخطر على وحدة المجتمع الأمريكى.
هذه العناصر مجتمعة: التغيير الديمغرافى والعنصرية العرقية المتجذّرة والهجرة لأمريكا من أديان ومذاهب وثقافات مختلفة عن «الأصول الأمريكية» كانت هى وراء فوز ترامب فى العام 2016، وهى مستمرّةٌ الآن كقوّة دعمٍ له فارضة نفسها على الحزب الجمهورى وعلى أعداد كبيرة من الأشخاص المستقلّين غير الحزبيين.
فالتطرّف هو الذى يسود الآن فى المجتمع الأمريكى ولن يتراجع فى القريب العاجل، بل ربّما سيزداد قوّة خلال انتخابات العام المقبل وبعده، عِلما بأنّ التطرّف يؤدّى أيضا إلى استخدام العنف المسلّح، كالذى جرى من حوادث إرهابية محلّية فى عدّة ولايات ضدّ أقلّيات دينية وعرقية وإثنية. فحقّ اقتناء السلاح فى أمريكا أمرٌ لا رجعة عنه، وقد ارتفعت نسبة شرائه فى السنوات الماضية ممّا ينذر بممارساتٍ عُنفية أكثر فى المرحلة المقبلة.
التعليقات