بدايات عام جديد أدعو الله سبحانه وتعالى أن يأتى نقيضا لذلك الذى سبقه فالواقع أن 2011 عام من عمرنا ضاع ولم ينقض.
أعتذر عزيزى القارئ عن تلك المقدمة بالغة القتامة وإن كان عذرى أنها بالغة الصدق أيضا، وأننا جميعا قد طالنا من واقعها شذرا.
ضاع العام ولم يتحرك الشأن الصحى خطوة واحدة للأمام وليته ظل محلك سر. الواقع أنه انحدر للخلف، فلا بوادر تنبئ عن تأمين صحى أو علاج على نفقة الدولة للسواد الأعظم فيها ممن لا يملكون الحق فى الصحة ولا دعم للمستشفيات أو تأمين من هجوم التتار على العاملن فيها. ولا مشروعات قومية لتنظيم النسل أو وقاية من هجوم كتائب فيروسات الكبد أو حتى أمراض سوء التغذية عند الأطفال. خمسة وزراء للصحة تعاقبوا فى عام واحد وكان ان سقط آخرهم بعد أيام من توليه تلك التركة المثقلة شفاه الله وعافاه وأعاده سالما.
تفاقمت أزمة صحة الجسد المصرى فى ذلك العام الذى ضاع.. لكن الأمر لم يقف عند هذا الحد فأردت أن أنبه إلى أن أثر هذا العام على صحة النفس المصرية كان أفدح.
استشرى مرض الحوارات فى موجة أظنها كانت أبعد أثرا من كل أنواع الإنفلونزا بدءًا بالطيور انتهاء بالخنازير ولا أرى سببا فى تقاعس منظمة الصحة العالمية هذه المرة عن إعلانها جائحة ووباء إلا أن الخاسر الأول والوحيد فيها هو العقل المصرى بعيدا عن أرباح صناعة المصل واللقاح. ألا تندرج الصحة النفسية تحت لائحة الصحة العامة فى بلادنا؟
عام أضعناه من عمرنا نتسابق فيمن يعلو صوته عن الآخر بغض النظر عن قدر الحقيقة فى ذلك الشجار الذهنى العنيف الذى لا يحظر أى عنف ولا يخضع لأى قانون؟
عام أضعناه عمرنا لننساءل بعد ألف وأربعمائة وثلاثة وثلاثين عاما من هجرة الرسول الكريم هل تحيتنا لغير المسلم جائزة أو أن تبادل الهدايا معه وارد؟
عام أضعناه ونحن نسرف فى الكلام والحديث والمناقشات التى تفتح كل الجراح التى التأمت وتثير القضايا التى حكم فيها الزمان أحكاما نهائية وتشعل الجذوة تحت الرماد وتهدد أمن الوطن وسلامته.
عام ضاع من عمرنا تسلط فيه الإعلام على العقل المصرى والنفس بلا هوادة فهل فينا من رشيد يقدر حجم الخسارة ليواجهنا بها؟
سنظل نعانى من آثار تلك الضغوط النفسية القومية التى نعيشها الآن غير مدركين خطورتها التى ستنسحب على كل مظاهر الحياة لسنوات قادمة.
عام جديد أتمنى أن نحرص عليه وأن نعيش أيامنا فيه نعيد بناء ما انهدم وطلاء ما احترق ونبدأ فيه بصحة الإنسان المصرى العادى النفسية.