«هى مصر اتغيرت؟» سألتنى «ماجدة» التى تعاوننى فى أعمال المنزل والتى تعول أربعة أبناء فى مراحل التعليم المختلفة بعد أن انفصلت عن زوجها منذ سنوات. لم يكن سؤال ماجدة استفهاميا لأنها لم تنتظر منى اجابة وإنما تولت هى المهمة، قالت ذهبت لاستخراج بطاقة التموين فأكد لى الموظف أن البطاقة ستكون لثلاثة أفراد وليس لخمسة هذه هى التعليمات، وعندما حاولت أن اشترى العيش المدعم «أبو شلن» وجدت الطوابير الطويلة قد عادت الى المخابز وفشلت فى أن أحصل على عيش الحكومة واضطررت أن اشترى «أبو ربع جنيه».
اختفاء العيش المدعم لم يكن بسبب قلة الدقيق أو انخفاض حصة المخابز بحسب ما تقول ماجدة السبب أن المخابز بدأت تستخدم جانبا من الدقيق المدعم فى إنتاج العيش «أبو 20 و25 قرشا» مستغلين حالة الفوضى وضعف الرقابة على المخابز، واختتمت حديثها بسؤال انتظرت اجابته هذه المرة «مش مفروض أن الثورة تحسن حالة الناس الغلابة؟».
كلمات كثيرة قلتها حاولت أن اقنعها بأن تحسين أحوال الفقراء والغلابة لابد أن يكون فى مقدمة أهداف الثورة ولكن يبدو أن الحكومة الجديدة لديها قضايا كثيرة عاجلة ويجب أن نمنحها بعض الوقت لتحقيق العدالة الاجتماعية التى وعدتنا بها وطالبتها بالصبر لكنها فيما يبدو لم تقتنع بمحاضرتى العصماء وربما لم تسمعها من الأصل، تركتها تحسب عدد زجاجات الزيت وأكياس السكر والأرز التى ستحملها البطاقة التموينية لثلاثة من أفراد أسرتها وتتمتم «أحسن من مفيش».
لم أكن أنا أيضا مقتنعة تماما بما قلت «لماجدة» من تبريرات لعدم إحساسها بثمار الثورة حتى الآن ففى الوقت الذى اهتم فيه الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء بأن يبعث رسائل إلى رجال الأعمال ومؤسسات الاعمال المختلفة التى التقاها جميعا ــ بأنه لا تغيير فى التوجهات الاقتصادية الحالية ولا مساس بدعم الصادرات الذى يحصل عليه كبار المصدرين والذى تجاوز فى السنوات الأخيرة نحو 4 مليارات جنيه لم نجد رسائل مماثلة لرئيس الوزراء موجهة لشرائح الشعب الواسعة من الفقراء ومتوسطى الحال الذين عانوا كثيرا.. تؤكد أنهم أول المستفيدين من الثورة وأن هناك من الآليات والإجراءات العاجلة لتحسين أوضاعهم المعيشية، وفى حين لم يخف وزير المالية الدكتور سمير رضوان على موضوع الضرائب التصاعدية والتى قد ترفع نسب الضرائب على الدخول الكبيرة، لم يبادر بالإعلان عن توقيت محدد تلتزم به وزارته لتطبيق الحد الأدنى للأجور.. لذلك كان أمرا منطقيا أن تسأل «ماجدة» بشك كبير «هى مصر اتغيرت».