ــ صباح الخير يا آنسة. لو سمحتى بلغى الطيار انى خطفتكم. أنا لابس حزام طبى، قصدى حزام ناسف، ومعاية كومترة موصلها بسلكين وممكن أنور النجفة.. قصدى أفجر الطيارة أى وقت.
(ينهض أحدهم مبتسما)
ــ سيبى لى الأستاذ يا آنسة هناء. ممكن نتعرف على حضرتك.
ــ أنا اسمى سامى
ــ عاشت الأسامى.. بتشتغل محامى؟
ــ ههههه.. أنا باخطف طيارات. وحضرتك مين؟
ــ أنا اسمى كامل..
ـ طلع سلاحك متكامل؟ ههههه.. من أمن الطيارة أكيد
ــ ههههه أنت خاطف عسل.. اسمح لى أرحب بيك على متن طيارتنا. سكرك شكله إيه؟
ــ السكر هادد حيلى، عندك ساكارين أو أسبارتام؟ ولو فيه قهوة تركى يبقى كتر خيرك.
ــ هاتعبك معانا يا آنسة. فنجان للأستاذ من بن الدرجة الأولى، بس بلغى الكابتن اننا اتخطفنا الأول. (يلتفت للخاطف) حضرتك ما قلتش خاطفنا ورايحين على فين؟
ــ رايحين عالبلد اللى تجمع شمل العشاق.. ههههه..
ــ ههههه مش بقولك انت راجل عسل. لأ بجد تحب ننزل فين؟..
ــ مش عاوز اتقل عليكم.. يا بخت من خطف وخفف.. أى حتة بره العالم العربى والإسلامى الله يخليك.
ــ ممكن قبرص. بس خلينا نشتغل على السيناريو صح. عندك مطالب عاوز تعلنها؟ ده مش أساسى وممكن نشتغل عليه مع بعض. المهم الركاب. هتعمل معاهم إيه؟ من وجهة نظر امنية عشر ركاب زى مية. الاحتفاظ بمجموعة صغيرة يسهل لك السيطرة وهيكون عندك نفس القوة التفاوضية. خلينا ننزل المصريين لما نوصل ونخلى الأجانب ونتصرف معاهم بعدين
ــ والله مش عارف أشكرك ازاى! الدعم اللى بتدوه للخاطف اللى معندوش خبرة تجاوز كل توقعاتى.
(تناوله المضيفة قدح القهوة. تقترب الكاميرا من وجهها. تتسع ابتسامتها وهى تقول بنعومة: فجرنى وخد سيلفى كمان، خدمتنا خطف وطيران.
****
السيناريو السابق اسهام بسيط لإنتاج فيديو كبديل عن فيديو ترويجى أصدرته مصر للطيران للاستفادة من الاهتمام العالمى بحادث خطف إحدى طائراتها والهبوط بها فى قبرص. الفيديو الذى أنتج على عجل أظهر محاولات خطف بطرق مختلفة: مسدسات، سكاكين... إلخ.. فى كل مرة يتم التصدى للخاطف بأكثر الطرق مهارة وتعقيدا، بداية من استخدام تكنيك «شنكل الحرامية»، وحتى تكنيك «سيب وانا اسيب».
تباينت ردود الفعل حول الفيديو. ضحك كثيرون، وعلق بعضهم على رداءة التمثيل، فيما تساءل آخرون عن حكمة الترويج لأمن طائرة يسهل تهريب سكاكين ومسدسات على متنها. المدهش أن الغالبية لم تنتبه إلى الإشكالية الأساسية.. ببساطة ليس هذا ما حدث وإنما العكس تماما! لاحظ الناس كل شىء إلا هذا التناقض البديهى.
فقدنا القدرة على إدراك اختلاف واقعنا عما نرسمه له من صور، بعد أن تم إغراق الفضاء العام بخطاب سياسى كاذب وفج اعتاده الناس، حتى فقدوا القدرة على التمييز.
المسئول الكبير يحدثك عن عمل أولاده فى المؤسسة التى يتحمل مسئوليتها فى تناقض واضح مع أبسط قواعد تضارب المصالح، ويؤكد فى نفس اللحظة رفضه للمحسوبية والوساطة. نسمع الغزليات فى الشباب وقيمته، فى الوقت الذى تتواتر فيه أنباء الاختفاء القسرى، والسجن، والتعذيب، والقتل. تصدح الأصوات بأغانى العظمة والسيادة وشعارات الرخاء فيما ينهار الجنيه والتعليم والصحة.
من الطبيعى أن تكذب مصر للطيران وألا يلاحظ كذبها أحد، لأن الكذب والتدليس أصبحا معلمين من معالم الثقافة العامة والخطاب السياسى، بل ودليلا على الولاء وعلامة على حب الوطن.
مبروك.. لقد نجحتم.. إلى حين.