** أولا: التعامل مع قرارات اللاعبين والأندية بالرحيل أو بالاستغناء لا يجب أن يتعامل معه أحد بطريقة: «وحش.. وحلو».. لأن المسألة أعمق من أن تسطح؛ حيث تخضع لظروف فنية وحياتية وإنسانية ومادية، وما يقبله الإنسان فى لحظة ما قد لا يقبله فى لحظة أخرى.. فكل قرار فى الحياة المهنية والاحترافية يرتبط بعدة عوامل، فالبعض يختار مكانا أفضل لقيمته الأدبية والتاريخية، والبعض يختار مكانا آخر لأسباب مادية يراها، والبعض قد يفضل خوض مغامرة جديدة بما فيها من تحديات.
** ثانيا: من حق أحمد فتحى أن يقرر ما يراه بشأن وجهته القادمة فى كرة القدم، وهذا حق إنسانى مشروع، وكثيرون يتركون شركاتهم ووظائفهم إلى شركات أخرى ومواقع أخرى بحثا عن حياة أفضل، والأفضل هنا مسألة نسبية، فالطبيب أو المهندس فى دول كبرى لا يتقاضى الراتب الذى يتقاضاه لاعب الكرة أو الفنان إنما الجوهر الذى أناقشه هو القرار ذاته، لكن ليكن واضحا لفتحى ولغيره من اللاعبين النجوم أنهم بقدر ما أعطوا لناديهم من بطولات وأداء، فإنهم أخذوا المقابل المادى الكبير والشهرة والنجومية وحب جمهورهم.
** ثالثا: الجمهور عاطفى، يتمسك بنجومه، ويراهم أبطاله، وهو يرى أنهم يحققون البطولات بالنيابة عنه، ومن حق الجمهور أن يغضب لرحيل أحد نجومه وهو أمر يحدث فى العالم كله، لكنى أسجل هنا رفضى للإساءات ولاتهامات الخيانة، مع الوضع فى الاعتبار أن طريقة اتخاذ رحيل لاعب عن ناديه يكون لها تأثيرها السلبى أو المقبول ولن أقول الإيجابى.. وفى المقابل تقبل جمهور الأهلى انضمام كهربا ولم يصف هذا الإنضمام بما وصف به البعض رحيل فتحى (بغض النظر عن أسباب وتفاصيل رحيل كهربا عن الزمالك).. وتلك قصة قديمة عمرها من عمر كرة القدم فى العالم..!
** رابعا: كيف يخرج اللاعب قصة رحيله عن ناديه؟
مثلا كان شريف إكرامى ذكيا حين أعلن موقفه مبكرا، وعبر عن رغبته فى الرحيل، وبدا أن السبب هو أنه قرر ذلك لأنه «عايز يلعب» خاصة بعد البقاء لفترة طويلة فى الاحتياطى. بينما بدا الأمر بالنسبة لأحمد فتحى أنه يتعلق بالمقابل المادى، حتى لو كان هناك ضمن أسباب قرار الرحيل عن الأهلى أن فتحى «عايز يلعب» وهو لا يضمن ذلك فى ناديه.
** خامسا: الأمر أيضا مضى باحترافية بين الطرفين، الأهلى وأحمد فتحى، وغضب الجمهور لقرار فتحى بالرحيل، وقد يغضب من النادى لتركه لفتحى، لكن الواقع يقول إن الأسباب فنية (منها خفض متوسط أعمار اللاعبين بالفريق مثلا وهو الآن 29 عاما وأربعة أشهر) ومادية وتتعلق بسياسة عامة تطبق على الجميع، فما زالت التعاقدات فيها «اشتراكية» وهى فلسفة لا تطبق فى العالم، كما أن «اشمعنى» ليست فى أى مكان بالعالم، فالمهارات هى التى تحدد السعر، والنجومية لها مقابل كبير.
** سادسا: قلت رأيى منذ فترة طويلة بشأن إدارة الأهلى لموضوع عبدالله السعيد.. وقلت رأيى منذ أسابيع بشأن حسام عاشور.. ورفضت فكرة بقاء لاعب لمجرد التكريم، هذا ليس احترافا، مع تقديرى العميق لحسام وما أعطاه للأهلى، لكنه أيضا نال المكافأة والجوائز الأدبية والمالية، لكن فنيا تساءلت: هل يلعب حسام عاشور على حساب السولية، وإليو ديانج، ومجدى قفشة، وعلى حساب المصابين عند عودتهم مثل حمدى فتحى ومحمد محمود، وكريم نيدفيد، وأحيانا أيضا محمود متولى..؟ هل يلعب مكان أحدهم؟ أم أنه سيجلس احتياطيا لهم جميعا؟
** أخيرا.. تلك قرارات سياسات وخطط وبناء فرق. وأفضل بناء حين يتم وقت الانتصارات وليس فى وقت الانكسارات. الإصلاح الحقيقى يكون تطويرا فى زمن القوة، ويكون خطأ حين يكون مدفوعا بالهزائم، ثم على أى أساس جرى التفاوض بين الأهلى وفتحى وبين أى نادٍ آخر وبين فتحى بينما كل لاعبى العالم تقريبا خفضوا رواتبهم خلال أزمة كورونا، وربما فترة حين تنتهى الأزمة لتعويض الأندية عن خسائرها المذهلة.. فما هى المعايير المادية وحسابات المال والقيمة فى عالم مختلف لن يعود كما كان اقتصاديا ورياضيا وماديا واجتماعيا فى زمن ما بعد فيروس كورونا؟!