تمر مصر حاليا بفترة لم تمر بها فى تاريخها من قبل، انتخابات برلمانية وأخرى رئاسية وتشكيل لجنة كتابة للدستور وكتابته، كله فى نفس الوقت وماحدش لاحق ياخد نفسه ويبص حواليه، أكيد انت حاسس زيى إنك طرف فى كل معركة من دول، وإن رأيك وتصرفاتك هيتوقف عليها مستقبل البلد، وحاسس بروح الجماعة وإن البلد بلدنا كلنا، لكن فى يوم من الأيام المعارك الكبيرة دى هتخلص، ويرجع كل واحد فينا للحتة بتاعته، يدور على حقه ونصيبه فى النظام الجديد، ويبدأ الكل فى الغناء «يا مفرقين الشموع قلبى نصيبه فين؟». وتبدأ كل أقلية تدور على حالها، والأقليات أنواع، أقباط، أهل النوبة، متحدى الإعاقة، والمرأة، قد يعترض البعض أصلا على اعتبار المرأة ضمن الأقليات... ففى رأى البعض، المرأة إنسان، والرجل أيضا إنسان بالمناسبة (حقيقة علمية أثبتها الكتاب الأخضر لفقيد الكوميديا الرئيس الليبى الراحل) وهما الاتنين بيشكلوا مع بعض مجتمع كامل، يبقى ليه بأه لازم نستثنيلها قوانين مخصوص ونضمنلها حقوقها ؟. ربما جزء من الإجابة يكمن فى اختلاف مراحل حياة المرأة عن الرجل، يمكن يكون السبب هو احتلال المرأة فى بلدنا دايما لمكانة الحيطة المايلة اللى الكل بيطلع فيها غله، مهيضة الجناج، مكسورة الضلع، مقهورة، حتى جبروتها بيبقى رد فعل فى معظم الأحيان لظلم اتعرضت له، عشان كده المشرعين فكروا يوضعولها قوانين خاصة تضمن لها حقها، ده المفروض، إن القوانين توضع لضمان حقوقها، لكن مجتمعاتنا العربية عودتنا إنها لما تفكر فى مشروع قانون له علاقة بالمرأة، بيبقى مشروع قانون هدفه أصلا إنه يتفنن فى ذلها. ففى عالمنا العربى السعيد، فيه دايما نبرة تتعالى كل مدة، تطالب المشرعين بوضع قوانين للسيطرة ع المرأة اللى هى دائما وأبدا مخلوق له ميل فطرى للانحراف، أو بسن قوانين أخرى تحط حبل طرفه فى رقبتها وطرفه فى إيد رجل من أهلها لأنه الأجدر بلمها.
نظرة الرجال فى مصر والعالم العربى أصلا لنسائهم والطريقة اللى بيتعاملوا بيها معاهم، مترجمة فى شكل قوانين موجودة من قديم الأزل فى دساتير دول العالم المتقدم، وبينما هنا المجتمع بيحتفى بتصرفات زى دى، الكل هناك بيسخر منها ومن اللى فكر فى وضعها. يسخر الأمريكان مثلا من قانون لسه موجود ضمن قوانين ولاية أريزونا بيمنع النساء من ارتداء «البنطلون» أمام الآخرين (فى السودان بيجلدوا الستات للسبب ده وفى مصر بيعتبروه سبب مقنع لتعرض أى ست للتحرش ويطالب البعض بإلغاء عقوبة التحرش للرجال لأن الرجل ما لوش ذنب الست ولبسها دايما بيكونوا هم السبب!). وفى ممفيس يتحدثون عن غباء قانون يمنع النساء من قيادة السيارات إلا فى وجود رجل مصاحب لهن (السعوديات ما يقدروش يسوقوا من الأصل، وأى واحدة ست مصرية بتسوق ومافيش جنبها راجل تقدر تحكيلك ع المرار اليومى اللى بتشوفه واللى بيحصلها). كان فيه قانون فى ولاية ميتشيجان بيمنع أى امرأة من قص شعرها إلا بموافقة كتابية من زوجها (نصف ستات مصر بيحتاجوا موافقة أزواجهن لقص شعورهن، وأحيانا رأى الحماة بيكون هو كمان ضمن المسوغات المطلوبة). وفى ولاية بنسلفينيا كان فيه قانون يمنع أى امرأة من مناداة خطيبها باسمه المجرد أمام الآخرين فى مطعم (فى الأغلبية الساحقة من المجتمعات العربية البنت المخطوبة ما تقدرش تخرج مع خطيبها للتعرف عليه قبل الزواج أصلا، فى أقاليم مصر لو قعدوا ياكلوا سندوتشين فول فى مطعم البغل تبقى فضيحة مدوية). وفى ولاية أوهايو تمنع النساء بسلطة القانون من العبث فى محتويات جيوب أزواجهن، ويمكن معاقبتهن بالحبس لمدة 12 شهرا إن فعلن ذلك (مع إن تفتيش الجيوب ده بيمنع بلاوى كتير وكل راجل عارف نفسه بأه). فى حين يعتبر مواطنو العالم الأول كل تلك القوانين غريبة وغبية ومضحكة ومخالفة للمنطق وتحمل تحيزا غير مبرر ضد المرأة وانتقاصا من قدرها، أكاد أجزم أن الكتير فى عالمنا العربى هيشوفوها قوانين معقولة ومستحبة ولا تخالف المنطق السليم، بدليل إنها الطريقة اللى بيعاملونا بيها كل يوم من غير ما حد يعترض، وهو ده اللى مخوفنى من فكرة «قوانين المرأة» عندنا عشان كده أنا طالبة من جميع نساء مصر إنهم بعد معركة الدستورية والبرلمانية ما تنتهى، مايجيبوش سيرة «قوانين مرأة» مطلقا، مالهاش لازمة والنننننبى... وأنا من موقعى هذا أتمنى أن يخلو دستورنا الجديد وتشريعاتنا الحديثة فى مصر من أية قوانين للمرأة من قريب أو بعيد، فقط أن يحتوى على جملة موجزة واضحة مثل: «للمرأة جميع الحقوق وعليها كل الواجبات، ذكرا كانت أو أنثى» (الله يرحمك يا قذافى، كان بيقول حكم).