هتف المتظاهرون تأييدا أمام جامعة القاهرة أمس، هتافات تدعو لاحترام الشرعية.. هؤلاء إذن مع الشرعية، لكن المؤكد أيضا أن الذين فى ميدان التحرير أيضا مع الشرعية هكذا يهتفون أيضا.
ما هى الشرعية إذن؟
يعتقد أولئك القادمون بقوافل الأتوبيسات إلى محطة جامعة القاهرة أن الشرعية تعنى الرئيس المنتخب، وأن الرئيس لمجرد أنه منتخب فمن حقه أن يتخذ ما يراه من قرارات وإجراءات حتى لو خالفت الدستور والقانون.
لكن أهل التحرير يعرفون الشرعية كما يعرفها العالم، بأنها الإطار القانونى والدستورى الذى جاء به الرئيس وقبله وأقسم على احترامه، وبالتالى يجوز له أن يتخذ من الإجراءات والقرارات ما يشاء لتحقيق أهدافه لكن فى حدود هذا الإطار الدستورى والقانونى.
لا ينتخب المواطنون ديكتاتورا، ويمنحونه الحق لمجرد أنه منتخب لفعل ما يشاء حتى تنتهى مدته، لكن هناك سياقا يحدد ما هو مطلوب منه وما هو جائز وما هو محظور، وفى قلب ذلك توجد إجراءات المحاسبة والمساءلة فى أى نظام ديمقراطى.
من الذى انتهك الشرعية إذن؟
بوضوح ودون مواربة الرئيس.
هل الحشود التى حشدها له تنظيمه وجماعته وحلفاؤها تكفى لتمنح قراراته شرعية؟
لا يمكن قطعا.. فلا يجوز استفتاء الناس فى الحقوق الأساسية، لان لو افترضنا ذلك فمعناه أن كل هؤلاء ضد مبادئ استقلال القضاء وسيادة القانون، وهذا مؤشر خطير فى فكرة استغلال الحشد الشعبى لتمرير ما هو ضد الدستور والقانون.
هل تلك الحشود عند الجامعة تعبر عن قناعاتها فعلا، بمعنى أنها بالفعل ضد استقلال القضاء ومع الإجراءات الاستثنائية؟ الحقيقة انك لابد أن تتذكر دائما أن جزءا كبيرا من هذه الحشود ربما كان عمودها الفقرى الاكثر فعالية تظاهر تأييدا لقرارات الرئيس قبل أن تصدر، وذلك إما انه ثقة مفرطة فى الرئيس فى أى شىء يقوله أو يفعله، أو أنهم مجرد جنود فى معركة يقال لهم أيدوا فيؤيدون.. وارفضوا فيرفضون.
المسألة هنا جوهرية جدا.. فبين متظاهرى التحرير من انتخب الرئيس وأيده وكان كذلك حتى لحظة إعلان قراراته، لكن هؤلاء ولاؤهم لدولة سيادة القانون أعلى من تأييدهم للرئيس، والعكس أمام جامعة القاهرة فهم هناك يؤيدون قرارات لم تصدر، ويحتشدون من اجل دعمها رافعين بممارساتهم شعار الرئيس أولا وقبل سيادة القانون واستقلال القضاء.
هنا أسألك: هل ترى الحل فى تمرير الدستور الأحلى؟
من حيث الشكل تحتاج البلد بالفعل إلى دستور، لكنها تحتاج لدستور يطبق ويحترم، وإذا كان لدينا رئيس لم يحترم الدستور المؤقت وانتهكه، ويحاول الاحتماء لجماهير مأمورة ببيعتها أن تؤيد هذا الانتهاك، فما هى ضمانات أن يحترم الدستور الدائم الذى كتبه رجاله وحلفاؤه، ما الذى يمنعه من مخالفته وتحريك الحشود لتأييد المخالفات قبل أن تحدث وبعدها؟
لهذا فمعركة إسقاط إعلان مرسى عادلة، ونجاحها سيحمى دستور البلاد الدائم من عبث هذا الرئيس أو غيره.. فعندما تسمع الطرفان يتحدثان عن الشرعية فتأكد أن من يضعون الرئيس فوق القانون أمام الجامعة لا يريدون أى شرعية ويرفعون قميصها فقط، وان من يطالبون فى ميدان التحرير بإنزال الرئيس ليكون اسفل القانون وليس فوقه، هم من يحمون الشرعية بحق فى وجه من انقلبوا عليها كسابقيهم فى مقاعد الحكمالاستبداد ملة واحدة.