فى أوروبا والبلاد المتقدمة، تجرى الانتخابات الرئاسية فى جو تنافسى وغالبا ما تتم الإعادة بين متنافسين لعدم مقدرة أحدهما على حسم النتيجة من الجولة الأولى.. حدث ذلك فى فرنسا خلال العام الماضى، حين حسم الرئيس ماكرون الفوز على منافسته ماريان لوبان فى الجولة الثانية، وجرت الانتخابات الأمريكية فى جو تنافسى شديد بين الرئيس الأمريكى دونالد ترامب مرشح الحزب الجمهورى وهيلارى كلينتون مرشحة الحزب الديمقراطى، وبعد صولات وجولات، استطاع ترامب حسم نتيجة الانتخابات لصالحه رغم حصول هيلارى على أصوات أكبر منه فى صناديق الانتخابات المباشرة، ولكن أصوات المندوبين فى الولايات حسمت النتيجة لصالحه، فهل نحلم كثيرا فى انتخابات مماثلة فى مصر خلال السنوات القادمة؟ كنا نتمنى أن تجرى الانتخابات الرئاسية القادمة فى جو ديمقراطى تنافسى بين مرشحين حقيقيين وبين برامج انتخابية حقيقية، ولكن الانتخابات القادمة أشبه ما تكون بالاستفتاء، لعدم وجود منافس حقيقى للرئيس عبدالفتاح السيسى
لذا الحياة السياسية تعيش حالة من الخواء والفراغ السياسى بعد فساد الحياة الحزبية فى مصر. فلم تجد مرشحا كامل الأوصاف لخوض الانتخابات الرئاسية لمنافسة المرشح الأوحد عبدالفتاح السيسى.
فقدعاشت الأحزاب داخل مقارها الضيقة وبين انصارها فانعزلت وعجزت عن الالتحام بالجماهير. وقد فقدت الأحزاب التقليدية القدرة والرغبة فى النزول للناس فى الشوارع. وانشغلت بتعيين قياداتها فى المجالس المختلفة بدون تعب. والحصول على تصاريح الأسمنت والحديد والفرن البلدى وتأشيرات الحج المبرور والذنب المغفور وشقق الأوقاف للمحاسيب والأقارب.
ليست مصادفة أن جميع الأحزاب السياسية فى انتفاضة 25 يناير رفضت المشاركة حتى تحققت الثورة. فخرجت نفس الأحزاب تعلن التأييد والمباركة عسى أن تلحق بالركب الهادر بالميدان. وهو ما أدى بعد ذلك إلى اختطاف الإخوان المسلمين حركة الجماهير الثائرة فصار اتفاقا بأن تلعب دور الحزب السياسى دون أن تمارس السياسة بحق.
وحتى بعد انتفاضة يناير انقسمت جماعات الثوار وجماعات وتيارات وائتلافات وحركات متنافرة متخاصمة فغابت جميع الأحزاب الجديدة.
من الملاحظ أن البعض تطرح نفسها كمرشحين محتملين. وهل هم جادون فى ذلك. إنها مجرد خطوة لتلميع الاسم الذى لا تعرف له أصلا. وبعضهم لم تسمع به أبدا. لم يشارك الحياة الاجتماعية ولم يشارك فى مظاهرة. لم يحضر مؤتمرا جماهيريا.
فى منتصف السبعينيات. وفى بداية التجربة الحزبية ظهرت أحزاب التجمع والعمل والوفد والناصرى كانت أحزابا جادة فى بداياتها تقاوم سياسة فرض الأمر الواقع وتقدم للحياة السياسية نوابا يقودون حركة المعارضة فى الشارع السياسى، ولكن بعد ذلك ظهرت أحزاب جديدة من عينة التكامل والتكافل والمستقبل وغيرها رحبت بها الدولة ومنحت هذه الأحزاب امتيازات كثيرة بحجة أنها تساعدها على المعارضة. مع أنها أحزاب ليس لها دور فعال وأدت إلى إفساد الحياة الحزبية والسياسية فى مصر.
منذ 1952 جرفت الحياة السياسية والحزبية فى مصر ولم تفرز قيادات حقيقية وغياب هذه القيادات الآن لا يتحمل وزرها النظام الحالى. لذا على كل حزب مراجعة مواقفه. فالحياة السياسية الحزبية تحتاج إلى إعادة تنظيم وإعادة مراجعة رغم وجود عدد كبير من الأحزاب ولكن دون قاعدة جماهيرية حقة.
كنا نتمنى أن تجرى الانتخابات الرئاسية القادمة فى جو ديمقراطى تنافسى بين مرشحين حقيقيين وبرامج حقيقية ولكن الانتخابات القادمة التى ستجرى فى شهر مارس المقبل أشبه ما تكون بالاستفتاء، لعدم وجود منافس حقيقى . مصر تستحق مرشحين أقوياء للمنافسة على مقعد رئيس الجمهورية فى الانتخابات بعد القادمة.