حتى اللحظة مازال قانون التأمين الصحى مجموعة مذكرات ودراسات منها الاكتوارى ومنها المقارن. منها ما أعده أصحاب الشأن فى الوزارة ومنها ما أعلن عن إسناده لشركات لا أدرى فى الواقع ما تخصصها إذ إنى أؤمن بما لا يدع مجالا للشك أن صاحب الهم أولى به وأن هناك من أصحاب الخبرات المحلية من هم أولى بكتابة المشروع؛ فهم الأقرب للواقع المصرى واحتياجاته. هم أيضا المدركون لتفاصيل خريطة الألم وأوجاع الأمة وارتباطها بالواقع الاقتصادى والظروف المعيشية للإنسان المصرى. حينما نتحدث عن الخبرات المصرية لا يقف الأمر عند حدود الأطباء بل بالطبع يدعم أفكارهم وجود متخصصين فى الاقتصاد وعلم الاجتماع والقانون.
حينما نذكر القانون فى جملة مفيدة مع الطب يجب أن نتوقف فهناك اسم يفرض نفسه بقوة على الموضوع. المستشار محمد عبدالوهاب خفاجى أو قاضى الغلابة؛ لما يحب الإعلام تسميته. صاحب الستة آلاف حكم لصالح الإنسان المصرى غير القادر على مواجهة نفقات علاجه. الواقع أننى حتى اللحظة لم أحظ بشرف لقاء القاضى العادل وإن استوقفتنى أحكام لمن ينحنى الإنسان أمامها احتراما لقاض تغلب على أحكام إنسانية واعية تماما للواقع المصرى بتفاصيله بل بالأمراض أيضا وتداعيتها. ادهشتنى كثيرا أحكام له لا تصدر إلا عن طبيب متخصص فأدركت أنه يعنى بكل حالة تعرض عليه فيدرسها دراسة باحث قبل أن ينطق بالحكم فيها. من أحكامه الشهيرة حكمه لمرضى الفشل الكلوى بضرورة العلاج على نفقة الدولة وإلزامه لها ببدل انتقال للمريض الذى من وجهة نظر القاضى العادل ـ يجب أن يتنقل بصورة مريحة كريمة قد لا تتيحها المواصلات العامة. حكم آخر له تشابه فى مقتبل العمر ابنة لفلاح بسيط مصابة بالتوحد ـ المرض الذى يحار فيه الطب حتى الآن ـ بمعاش من الدولة يقيها شر الضياع وإلزام الدولة بتخصيص أطباء مختلفى التخصصات بمتابعتها الأمر الذى لا يحدث إلا فى الدول التى تضع كرامة مواطنها على رأس واجباتها!
حكم آخر يلزم وزارة الصحة بإعادة موظفة فيها لعملها وتخييرها بين أن تكمل سنوات عملها أو تختار المعاش المبكر نظرا لإصابتها بالانفصال الشبكي الأمر الذي حدا برئيسها إلى إحالتها للمعاش بزعم أن إعاقتها تقعدها عن العمل.
أحكام قد لا يتسع لذكرها المساحة المتاحة لكنها فى الواقع كلها أحكام تنبئ عن شعور واع بقاض عادل بضرورة أن تسبق الإنسانية حكم العدالة فى مجتمع له تركيبته الاجتماعية المختلفة.
ماذا إذا أخفت فى النهاية أن القاضى الذى حكم بإنهاء تقاليد مولد أبو حصيرة فى مصر وأنه الذى أعد دراسة حكم تيران وصنافير!.
معالى وزير الصحة: إذا أردت قانونا للتأمين الصحى مصريا خالصا محكما قابلا للتنفيذ لا تلجأ لمن يعده لك بمقابل.
الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى لديه دراسة وافية لنظم التأمين الصحى المعروفة فى العالم مقارنة بما يجب أن يكون عليه نظام التأمين الصحى فى صورته المصرية الخالصة تقدمها بلا مقابل!.
نحن جميعا مرضى وأطباء فى انتظار اكتمال الجملة المفيدة.. علها تكتمل إن شاء الله.