هل تثق فى طبيب يرتدى التيشيرت؟ قضية طريفة شغلت الرأى العام الإنجليزى لأسابيع مضت. هل لما يرتديه الطبيب أثر على علاقته بمريضه؟ هل من الممكن أن يتقبل المريض قرارا طبيا يرتدى قميصا مفتوح الصدر وبنطلونا من الجينز وينصاع له؟ أيهما يختار المريض: أن يمتثل متمددا على سرير الكشف لطبيب يرتدى البالطو الأبيض ورابطة عنق أم آخر مهوش الشعر يرتدى تيشيرت ملونا إذا ما تساوت سمعتهما الطبية؟
وصف أبقراط أبوالطب الغربى الحديث الطبيب بأنه «رجل يتمتع بأناقة المظهر ونظافته وتفوح منه رائحة ذكية» فهل كان أبقراط يعلم أنه فى أيامنا تلك سيشكو الكبار من هيئة الصغار التى فى تقديرهم «تخل بهيبة الطب كمهنة متميزة»؟ الحديث عن هيئة الطبيب ومواصفات مظهره تلت قرارا اتخذته وزارة الصحة أوصت فيه بأن يتخلى الأطباء عن رابطات العنق والقمصان تحت البالطو الأبيض وطالبتهم بارتداء بالطو أبيض قصير الاكمام. كان الغرض المعلن وراء تلك التوصيات محاولة الحد من انتشار أى عدوى داخل المستشفى فقد كان الظن أن الأطباء يحملون الجراثيم والميكروبات فى ملابسهم وهم يتحركون بحرية بين الأقسام المختلفة فى المستشفى.
صدر القرار منذ ست سنوات فانتهز الأطباء خاصة الشباب منهم الفرصة للتخفف من قيود ملابسهم الرسمية. استبدلوا المظهر الوقور ورباطة العنق بملابس شبابية ملونة حتى لتكاد تتخيلهم زوارا أو عاملين إداريين بالمستشفى لا أطباء مسئولين فيها.
حينما زاد الأمر عن حدود الارستقراطية الإنجليزية لجأ الأطباء الكبار ممن أذاهم خروج الصغار على آداب المهنة العريقة إلى تنظيم استطلاع للرأى يجيب عنه المرضى للتعرف على وجهات نظرهم.
اختار أحد المستشفيات الكبرى أن يبدأ فوزع فى العيادة الخارجية استمارات استطلاع الرأى وفيها أربع صور لطبيب واحد يرتدى فى كل صورة زيا مختلفا. الأولى البالطو الأبيض وربطة عنق أنيقة والسماعة الطبية.. الثانية فى هيئة رجل أعمال أنيق يرتدى جاكيت أنيقا وقميصا مفتوحا بلا ربطة عنق.. أما الثالثة فكان فيها مرتديا ما يرتديه عادة الأطباء أثناء إجراء القسطرة أو الجراحين.. أما الأخيرة فكانت للتيشيرت.
طلب من المرضى اختيار الصورة التى يمكن أن تبعث الطمأنينة فى قلوبهم أى هيئة يمكن أن تشى بالثقة من وجهة نظرهم؟
جاءت الهيئة الأولى للطبيب الذى ىرتدى البالطو الأبيض ورابطة العنق ويمسك بالسماعة على القائمة بنسبة 76٪ تلتها هيئة الطبيب الذى يرتدى زيا العمليات الجراحية بينما احتلت صورت التيشيرت المركز الأخير بنسبة 4٪. كان من التعليقات الطريفة التى سجلها المرضى «انك لا تثق فى طبيب له هيئة رجل جاورك فى المترو يرتدى صندلا بلاستيكيا وجينز مقطوعا عند الركبة!».
تتغير الدنيا وتظل هناك ثوابت فى كل المجتمعات تحميها من رياح التغيير إذا هبت عكس اتجاه السلامة.