استوقفنى خبر نشرته «الشروق» يوم الجمعة 30/9 فى سطور قليلة تحت عنوان «تسرق لتتحول لرجل» عن سيدة منتقبة تم القبض عليها داخل إحدى شركات الصرافة بعد أن سرقت 3700 جنيه اعترفت بما فعلت وأدلت بأقوال لتبرر فعلتها بأنها فى حاجة لإجراء عملية جراحية تحيلها إلى رجل إذ إنها مزدوجة الجنس.
تداعت إلى ذاكرتى قصة طالب طب الأزهر الذى أعلن عن عذابه وهو مسجون فى جلد رجل بينما جسده وروحه لأنثى وكان لشهور طويلة مادة صحفية وإعلامية مثيرة. الهدف الأول من عرض قضيته فى ذلك الحين كان الإثارة الصحفية التى استفزت أصحاب الهمة والضمائر الحية فسارعوا لنجدته وكان منهم أحد الجراحين المتخصصين فى إعادة ترتيب تلك الازدواجية فى الأعضاء الذكورية والانثوية لصالح الكيان النفسى لهذا الإنسان وما يرغب حقيقة أن يكون.
ذكرت كم تعذب ذلك الإنسان فتم رفته من كلية طب الأزهر وتخلى عنه زملاؤه ومجتمعه تحت زعم أنه رجل شاذ يسعى للظهور فى صورة أنثى. لكننى تذكرت أيضا أننى شاهدت سالى فى برنامج تليفزيونى بعد أن انتصرت لنفسها ولجنسها وقد ارتدت ثوبا أنيقا يظهر انوثتها الحقة التى استرعت انتباه رجل تقدم للزواج منها بعد أن أطلعته على تفاصيل حياتها السابقة فى سجن الرجال.
ازدواجية الجنس مشكلة طبية شائكة وإن كانت نادرة الحدوث لكنها بلا شك تستحق أن نمنحها اهتماما إنسانيا صادقا فهى محنة حقيقية يعيشها إنسان تجلده الحيرة فى أمر نفسه إلى أى العالمين ينتمى، عالم المرأة أم عالم الرجل؟ بينما المجتمع من حوله يجلده بقسوة مرة أخرى ويرصد كل تصرفاته التى ينعتها بالشذوذ ويقذفه بحجارة الشك والريبة أقصد بالطبع مجتمعنا الشرقى فالأمر فى المجتمعات الغربية مفهوم تماما وتصحيحه جراحيا متاح فى كل أنظمة التأمين الصحى على اختلافها بل ويدعم الجراحة برنامج لتأهيل هذا الإنسان لحياة صحية تماما يمارس فيها حقه الطبيعى رجل كان أو امرأة. أدعو لأن يوضع فى الاعتبار عند محاسبة هذا الإنسان أن هذا مرض حقيقى خلقى يحتاج لقرار حاسم لعلاجه على نفقة الدولة عضويا ومعنويا ويحتاج أيضا لعفو خاص فلا ذنب لما لمُكره إنما مغفرة.