عمود اليوم عن الأحذية وما قد تحمله من قيم. وصلنى بالأمس إيميل يحوى بالضبط سبع صور وعدة تعليقات. أول الصور لشخص يحمل حذاء وكتب تحت الصورة «رجل يحمل حذاء عز» ثم تليها مباشرة صورة لشخص يضع الحذاء أمام المهندس أحد عز وتحتها «ويضع الحذاء فى قدمى أمين التنظيم»، ثم فى الثالثة يبدو أن السيد أحمد عز قد ارتدى إحدى فردتى الحذاء ويجتهد فى الأخرى ويساعده بانحناءة حريصة حامل الحذاء حتى يطمئن على أنه استقر فى مكانه.
ثم تأتى الصور الثلاث اللاحقة لتؤكد أن هذا تقليد قديم فى بلدان الشرق، حيث نرى الملك فاروق والنحاس باشا وشاه إيران يقفون موقفا مشابها أمام من يضعون الأحذية فى أقدامهم.
وتأتى الصورة الأخيرة للرئيس أوباما وهو يرتدى حذاءه أثناء خروجه من مسجد السلطان حسن فى زيارته للقاهرة فى يونيو 2009. وكى تكون الصورة واضحة أكثر: الرجل يخلع ويرتدى حذاءه بنفسه. وطبعا الهدف من كل ذلك المقارنة.
انتهى الإيميل. ويبدأ التعليق.
أول ما يحضرنى هو مقولة لمارتن لوثر كينج يقول فيها: لن يستطيع أحد أن يركب ظهرك إلا إذا كنت منحنيا. وهو معنى منطقى يتفق تماما مع حقيقة أن هناك طرفين لهذه العلاقة، وعنهما تنشأ دلالة كبرى.
أما الطرفان فهما صاحب الحذاء وحامل الحذاء، وأما الدلالة فنحن لم نزل نعيش فى القرون الوسطى حيث علاقة السيد بالعبد حتى وإن لم نعد نطلق على العبد عبدا.
هل انحناؤنا (المصطنع فى كثير من الأحيان) أمام رؤسائنا مسألة ثقافية مجتمعية أم هى شخصية فردية؟ أترك الإجابة للقراء الكرام، ولكن أضع بين أيديهم كلام الإمام محمد عبده حين قال إنه شهد فى الغرب إسلاما ولم يجد مسلمين، ورغما عن أننى لا آخذ كلامه بلا تحفظ، لكننى أزعم أننا أصبحنا مجتمعات وارثة للحضارة لكنها فقدت الكثير من أسباب التحضر؛ فقد نمنا فى نور مبادئنا العظيمة واستيقظ غيرنا فى ظلام غيابها، وأضعنا نحن ما جاء به ديننا من قيم نبيلة، واستقرأوا هم الكثير من القيم الإنسانية التى كنا نحن أولى بها. عندهم أخطاء يعيشون فيها ويعمل العقلاء منهم على اجتثاثها، وعندنا خطايا تعيش فينا، ولكن بعضنا يرفض حتى الاعتراف بوجودها.
صلى الله على رسولنا الذى قال: «إن الله أوحى إلىّ أن تواضعوا حتى لا يفخرَ أحد على أحدٍ ولا يبغى أحد على أحد» أخرجه مسلم.