رغم أنى أؤمن بأن التكافل الاجتماعى أمر واجب ويعكس روحا من السلام والسماحة بين طبقات المجتمع الواحد حتى بعد أن ذابت الطبقة المتوسطة فى السواد الأعظم للطبقة الدنيا فأصبح الفارق بينها وبين طبقة الصفوة شاسعا إلا أننى لا أظن أبدا حلا لقضايا تتعلق بأمن المواطن ومسئوليات الدولة وعلى رأسها قضية الصحة.
الصحة والتعليم وحدود البلاد يشتكون أمن الوطن وموقعه علی خريطة العالم إذا كان شأننا الصحة فقد وصل بنا الأمر إلى درجة التى أصبحت فيها معاناة المريض والطبيب معاناة مشتركة فى غياب الدولة. فى الدول التى تحتل فيها الإدارة الحاكمة موقعها من المسئولية تظل الصحة قضية الدولة التى يعرف المواطن فيها أنه سيلقى ذات الرعاية على كل المستويات كما يلقاها غيره بلا تفرق وأنها دائما متوافرة على أفضل مستوى لن يتكرم بها أحد عليه. الطبيب يؤدى واجبه بلا كلل ويتقاضى راتبه من الدولة والعلاج أيضا متوافر على نفقة الدولة بلا جهد يبذله المريض.
الجمعيات الأهلية والخيرية دورها يتضح فى دعم سياسة الدولة. دعم عمل المستشفيات تمويل مشروعات ترفيهية لمرضى الأمراض المزمنة. تطوير الأقسام الطبية فى مستشفيات الأطراف البعيدة. أو دعم التعليم الطبى باستحداث المنح العلمية للطلبة المتفوقين واعتبارها دينا عليهم يردونه لمن يليهم. لماذا كل تلك المقدمة الطويلة اليوم وفى بدايات السنة الجديدة؟
قرأت خبرا فی أربعة سطور يعلن عن بداية التحضير لبنك الدواء فى ظل مشروع بنك الطعام الذى بدأ بالفعل ويقوم بدور فعال فى إطعام أفواه كثيرة جائعة. رغم احترامى الكامل لأصحاب النوايا الحسنة ومحبى عمل الخير فى بلادنا إلا أننى أتمنى لو تحولت تلك النوايا لأعمال إيجابية تمنح الإنسان حقه فى أن يختار وما يأكل بكرامة. يعمل فيأكل ويصبح قادرا على شراء دواء لطفله. دواء وطنى صنع فى مصر بمواصفات عالية.
انحسرت شهور العام الماضى بعد أن تركت لنا ألوان الطيف من أنواع الإنفلونزا ومشكلات التأمين الصحى والعلاج على نفقة الدولة وقانون تسعير الدواء وربطه بالأسعار العالية وتراجع مستوى الخدمة فى المستشفيات والتعليم الطبى فى الجامعات. موجة مد هائلة ألقت بظل ثقيل على شهور العام كله فهل لنا أن نحلم بموجة جزر تحمل بعضا من الأمل لشاطئنا؟