الحكومة تعترف أخيرا بالفشل.
الحكومة تستنجد بالقوات المسلحة.
لا أحدثك عن الأزمة الاقتصادية الخانقة، ولا عن تراجع الجنيه أمام الدولار، ولا قضايا الإنتاج والنهضة الكبرى، ولا الانطلاقة التى وعد بها هشام قنديل رئيس الوزراء، ومن فوقه الرئيس، ومن فوقهما مكتب الإرشاد.
أحدثك عن حديقة «الأسرة» التى كانت تسمى حتى أمس الأول حديقة «سوزان مبارك للأسرة»، والكائنة فى القاهرة الجديدة.
عليك وأنت تنتظر من حكومة الرئيس مرسى أن تنهض بهذا الوطن نحو آفاق كبرى تتمناها، أن تقرأ بعناية البيان الصادر عن مجلس الوزراء بشأن الحديقة، ربما تعتقد لوهلة أن المسألة هامشية، أو أنها من صغائر الأمور، لكنها فى الحقيقة دليل واضح على كفاءة هذه الحكومة ومدى قدرتها على العمل فى فريق، ومدى استعدادها لتحمل المسئوليات الجسام ذات العلاقة بمصير الوطن والمواطنين.
البيان الصادر عن مجلس الوزراء يشير إلى تغيير اسم الحديقة بشطب سوزان مبارك من لافتتها وأوراقها الرسمية، هذا جانب لدغدغة عواطفك والتأكيد أن الحكومة منحازة للثورة حتى لو حدث هذا التغيير بعد عامين من قيام الثورة.
لكن دع كل ذلك جانبا وانظر إلى أن البيان المنشور فى جميع الصحف، الذى تم عرضه فى كل نشرات الأخبار، تحدث عن نقل تبعية إدارة الحديقة إلى جهاز الخدمة الوطنية التابع لوزارة الدفاع.
قبل هذا القرار كانت مسئولية إدارة الحديقة واقعة على وزارة الزراعة بالمشاركة مع وزارات البترول، والتموين، والبيئة، والطيران، لكن بيان مجلس الوزراء تحدث عن «الصعوبات التى يواجهها مشروع تطوير الحديقة من جانب الوزارات المعنية»، وحسب تصريحات وزير الزراعة الدكتور صلاح عبدالمؤمن فقد تم نقل تبعية الحديقة إلى الجهة «الأقدر على استكمال الإنشاءات والإدارة والتشغيل».
لديك الآن 5 وزارات مهمة فشلت فى إدارة حديقة واعترفت بذلك واستنجدت بالجيش ليغطى فشلها ويستكمل ما عجزت عن استكماله، فلماذا تنتظر منها أن تنجح فى إدارة مشروعات قومية عملاقة من تلك التى تعدك بها فى كل تصريح وتبشرك بها فى كل طلة تليفزيونية.
الحديقة التى تقع فى مدينة القاهرة الجديدة، تضم نماذج محاكاة للعديد من الأماكن السياحية الشهيرة فى مصر، مثل حديقة حيوان الجيزة، ومكتبة الإسكندرية، وحديقة الأورمان، إلى جانب مجمع علمى ثقافى، وآخر ترفيهى، إضافة إلى مسطحات خضراء على مساحة 35 فدانا من إجمالى 70 فدانا، وسلسلة مطاعم تتسع لأكثر من 600 فرد، والدخل المتوقع منها حسب بيان الحكومة يصل إلى 30 مليون جنيه أرباحا سنوية، بخلاف توفير نحو 1300 فرصة عمل جديدة فى مختلف قطاعات الحديقة.
إذن هذا مشروع اقتصادى وتشغيلى حقيقى وليس فقط إطارا بيئيا وجماليا فى المنطقة يحقق دخلا ويوفر وظائف ويجذب استثمارات، هذا نموذج صغير لقدرة الحكومة على الإدارة والتخطيط والتنفيذ.. والحكومة تعترف أنها غير قادرة لا على الإدارة ولا التنفيذ.
رحم الله حكومة عرفت قدر نفسها.