حتى لا يحتجب الشهر الكريم - ليلى إبراهيم شلبي - بوابة الشروق
الخميس 26 ديسمبر 2024 11:54 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حتى لا يحتجب الشهر الكريم

نشر فى : الجمعة 4 مارس 2022 - 9:55 م | آخر تحديث : الجمعة 4 مارس 2022 - 9:55 م
أيام ويبدأ شهر رمضان الكريم.. الشهر الفضيل الذى أفتقده فقد خاصمنا منذ سنوات قريبة مضت، احتجب فيها بعد أن سلبناه الكثير من ملامحه الروحية والإنسانية بل والشعبية التقليدية ورهناه قيد إطار من صنعنا لنحيله إلى شهر الإعلانات والمسلسلات وسباق صناعة الخير!
تمنيت لو خلا شهر رمضان هذا العام من مسلسلات الدراما المصرية التى يهدر فى إعدادها الملايين فتأتى بأسوء الأمثلة لحياة المصريين تحت زعم الواقعية الفنية، تمنيت أيضا لو غابت تلك الإعلانات الخيالية عن التجمعات السكانية المغلقة على سكانها من علية القوم وصفوتهم وأسعارها التى تبدأ بعدة ملايين، أكثر ما تمنيته أن تنتبه الدولة لإعلانات السمن الصناعى «اللى فى الصحة ما بتهزرش» لتتأكد من أنها «ما بتتهدرجش» أما الأهم على الإطلاق وما أردت أن أشير إليه اليوم فهو ذلك السباق المحموم الذى بدأ مبكرا هذا العام من فعاليات صناعة الخير.
أؤمن عن قناعة كاملة أن للمجتمع المدنى دورا بالفعل عظيما يمكنه أن يساند دور الدولة فى مجالات عدة أهمها الصحة والتعليم.
لكننى فى ذات الوقت أؤمن أن يتم ذلك بصورة إنسانية مشروعة تحفز الإنسان على التبرع مختارا راضيا لا مبتزا صاغرا.
أعمل بمجال الخدمة العامة بحكم مهنتى كطبيبة وباختيارى مثل الكثيرين ممن يقومون طواعية بأداء ما يرونه واجبا إنسانيا للمجتمع الذى يعيشون فيه وهم والله بالفعل كثيرون ومنهم من الأمثلة ما أخجل عن مقارنة نفسى بهم. يتحركون فى هدوء بلا ضجة أو جلبة أو إعلانات تجدهم دائما وقت الاحتياج ما دون استدعاء حتى تخالهم ملائكة مجندة لفعل الخير ومساندة البشر أخفقوا أجنحتهم.
أدرى أن كل عمل مشروع حتى عمل الخير والحث على التبرع لمساندة ودعم المؤسسات الخدمية كالمستشفيات ومراكز البحث يحتاج لأخلاقيات واضحة لا يمكن تجاوزها تحت زعم أن التأثير على الإنسان يحتاج صورة موجعة تدفعه للتبرع بكرم. صور أطفال شوهها الحريق أو أقعدها مرض بالقلب عن اللعب مع بقية الأطفال أو أن يحمل طفلة على كتفه ليغادر منزله مع الفجر ليلحق بمستشفى السرطان فى العاصمة آتيًا من أعماق الصعيد كلها صور موجعة حتى وإن كانت حقيقية إلا أنها يجب أن تمنع ولو بقانون.
ليس من الخلق الإنسانى أن أطلب من طفل له اسم وعائلة وملامح أن يستعرض آلامه وأوجاعه وأن يظهر على الشاشة برأس حليق يشير إليه مبتسما فى ضعف ووهن قائلا: «فرحت لما شعرى رجع بعد العلاج الكيماوى»!!
تلك قضية أرجو أن تراجع ملفاتها المعنية بأمور حقوق الإنسان، حقوق الإنسان السياسية قد تتداخل فيها آراؤه ومعتقداته ولكن هل هناك خلاف على حقوق الإنسان فى إنسانيته؟
يظل شهر رمضان بالفعل الشهر الأكرم الذى ينتظره أصحاب صناعة الخير فى بلادنا، لكنه أيضا يجب أن يحصل على ما يستحقه من تكريم. التبرع فى شهر رمضان الكريم وتوجيه الصدقات إلى جهات تدعم الإنسان فى مرضه يجب أن تتم عن رضا كامل وقناعة أن ذلك عمل وطنى إنسانى يدعم الإنسان المصرى ويعزز كيان الدولة التى قدمت قدر استطاعتها.
علينا أن نتحرى أين يجب أن نقدم تبرعنا للخير فتلك بالفعل تمثل رغبتنا فى شكر الله وحمده على ما أعطانا من نعمة.. هذا واجب عالى المقام وليس عبئا نتخلص منه أو خانة نسددها على جدول الفروض لنحصل على درجة أعلى.
التبرع لدعم المؤسسات الخدمية فى الدولة أمر بالفعل يجب أن يتم دونما توصل أو استجداء أو ابتزاز: أفعال لا تتفق على الإطلاق وكرامة الإنسان الفاعل وجلال الفعل.
فلنتهيأ لاستقبال الشهر الفضيل برغبة حقيقية لأداء الفروض والواجبات وفعل الخير بتلك الروح التى تليق به وتعلو إلى مقامه عله لا يحتجب هذا العام كالأعوام السابقة.
كل عام وأنتم إلى الله أقرب.
التعليقات