من حق أى مصرى أن يحزن ويغضب حينما يرى مصريا يتم إهانته فى الكويت أو أى مكان فى العالم. لكن ليس من حق أحد بالمرة أن يخلط بين هذا الحادث الفردى مهما كان حجمه، وبين علاقات البلدين والشعبين.
وبالتالى فالقضية الرئيسية المطلوب التركيز عليها دائما هى كيف نحدد جميعا مصريين وكويتيين وعرب الحد الفاصل بين الاعتراض على سلوك أو حادث أو حتى جريمة كبيرة بحق أحد المصريين، وبين المساس بالعلاقات بين الشعبين؟!
ما فعله المواطن الكويتى الذى صفع المواطن المصرى وليد صلاح العامل فى جمعية صباح الأحمد قبل أسبوعين، كان سلوكا فرديا محضا يعبر عن هذا الشخص فقط، ولا يعبر بالمرة عن كل الشعب الكويتى. وبالتالى فمن الخطأ البالغ أن يعتقد بعض المصريين أن كل الكويتيين هم مثل هذا المجرم الذى صفع الشاب المصرى.
وللموضوعية فلو أردنا التعميم، فيمكننا أن نشير إلى الانتفاضة الإنسانية لقطاعات واسعة من الشعب الكويتى تعاطفا وتضامنا مع الشاب المصرى واستنكارا واستهجانا للسلوك المنحرف للمواطن الكويتى. غالبية المواطنين الكويتيين أدانت وانتقدت، فى حين لم نسمع أو نرَ كويتيا واحدا تجرأ على تأييد هذا الخطأ الكبير.
انطلاقا من هذه القاعدة فإن الذين حاولوا الخلط بين سلوك شخصى وفردى لمواطن كويتى، وبين كل الشعب الكويتى ارتكبوا خطئا كبيرا.
صحيح أن الكويتى تصرف انطلاقا من ثقافة راسخة فى الخليج بأكمله تتعالى على بقية العرب بحكم الثروة النفطية، وانطلاقا من موجة غريبة لبعض الشخصيات العامة الكويتية ضد مصر، لكن فى كل الأحوال، فلا يمكن الخلط بين هذا الشخص ومعه كل الشخصيات التى تحرص على مصر، وبين غالبية الشعب الكويتى الشقيق.
بعض المصريين تصرفوا بحسن نية حينما غضبوا لشقيقهم وليد، وهم يرونه يتعرض للإهانة، وربما يكون بعضهم قد استشاط غضبا، لكن هؤلاء يفترض أن يتم توعيتهم بضرورة عدم الخلط بين الفردى والعام.
لكن هناك مجموعة أخرى بجهل أو سوء نية أو ربما بإيعاز من آخرين، حاولوا الضرب فى الكويت نفسها، ومنهم هذا الشخص الذى دعا إلى حرق علم الكويت.
مثل هذه النوعية لا تختلف كثيرا عن بعض الشخصيات الكويتية التى تهاجم مصر ليل نهار. بعضهم لا يدرك خطورة ما يفعل، وبعضهم يفعل ذلك عن سوء نية وقصد، وكل ما يتمنونه، هو تخريب العلاقات بين البلدين.
علينا أن نركز على أن من حق أى مواطن أن يتحدث بحرية كما يشاء، لكن فى نفس الوقت علينا أن نضرب بيد من حديد كل من يستهدف تخريب العلاقات، وحسنا فعلت النيابة المصرية حينما حققت مع الشاب الذى تحدث عن فكرة حرق العلم الكويتى، مثلما حققت النيابة الكويتية مع بعض الناشطين الذين أساءوا للمصريين. علما أن هذا الشاب المصرى قال بوضوح: إنه كان يحاول تأكيد أن المصريين ضد الإساءة للكويت، لكن ضرر فكرته كان كبيرا وخطيرا جدا.
بيان وزارة الخارجية المصرية الصادر يوم ٣١ يوليو، الماضى، كان واضحا وحاسما، وقطع الطريق على راغبى الاصطياد فى الماء العكر بين البلدين، وشدد على قوة العلاقات بين البلدين، واستنكر البيان محاولات الوقيعة بين البلدين عبر وسائل التواصل الاجتماعى.
المطلوب من الحكومتين المصرية والكويتية، ومن العقلاء فى البلدين أن ينتبهوا لمحاولات الوقيعة المتوالية بينهما، وأن ينتبهوا أكثر للأفاعى التى تنتظر أى فرصة كى تبث سمومها ليس فقط بين البلدين ولكن فى كل المنطقة.
ورغم كل ما سبق فمن المهم أيضا عدم الاعتقاد أن المشكلة سببها فقط المتربصين ونظرية المؤامرة. هناك أسباب ومشاكل موضوعية ينبغى مناقشتها بكل أمانة وصدق وموضوعية حتى يتم علاجها بصورة سريعة، وليس بالطريقة العربية التقليدية أى القبلات والأحضان الظاهرية التى تخفى المشكلات ولا تعالجها بصورة جذرية.
علاقات مصر والكويت راسخة، ومن العار أن تتأثر ببضعة تدوينات أو تغريدات أو دعوات مشبوهة، لكن هناك بعض المشكلات التى يفترض أن تعالج بصورة جذرية.