خفايا الدنيا - محمود قاسم - بوابة الشروق
السبت 21 ديسمبر 2024 3:04 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

خفايا الدنيا

نشر فى : الجمعة 4 سبتمبر 2020 - 11:05 م | آخر تحديث : الجمعة 4 سبتمبر 2020 - 11:05 م

مازال فى الدنيا أمل.. بل آمال

فى بعض الأحيان أفكر فى التوقف عن الكتابة هنا، باعتبار أن الدائرة تضيق، ومن الصعب اعادة اكتشاف أو العثور على افلام قديمة ضائعة من تاريخنا، منها مثلا «لك يوم يا ظالم»، و«فتح مصر» و«ابن عنتر» و«شمشون الجبار»، وغيرها، لكن لا أمل، إلى أن طلعت علينا شركة النصر بنسخة من فيلم «خفايا الدنيا» الذى يعتبر نصرا لعدة أسباب فهو الفيلم الوحيد الذى قام ببطولته كممثل حسن رمزى المنتج والمخرج والسيناريست، والذى أنجب عائلة من السينمائيين منهم الراحل محمد حسن رمزى، والحفيد شريف رمزى، والابنة هدى رمزي.
بدات كتابة المقال مبتهجا قبل مشاهدة الفيلم، فلا يزال المجهول كبيرا فى حياتنا كمهتمين بتاريخ السينما المصرية.
هناك نقاط عديدة تتناسب مع المساحة المتاحة لنا، أولها اسم الأديب ابراهيم رمزى الذى كان لامعا فى عام انتاج الفيلم 1941. كما أننا أمام واحد من الأفلام القليلة التى أخرجها ابراهيم لاما دون أن يكون معه شركاؤه المعروفون، ومنهم الاخ بدر لاما، والزوجة بدرية رأفت، كما سنعرف أن حسن رمزى بطل الفيلم الوسيم لم يكن يفكر فى تلك الفترة فى العمل كمخرج، لكنه لم يستمر فى التمثيل، واتجه بعد ذلك إلى الانتاج، أما النقطة التالية فهو اين كانت تلك لنسخة الموجودة الآن على اليوتيوب التى تعرض باسم شركة النصر، وهل سبب تأخير عرضها ان أكثر من وقت الشريط مفقود الصوت، فلا تكاد تهتم الحدوتة الا بالحدث ينتابك التساؤل: كيف تتصف حيال الفيلم، فلا كان وجوده فقط على اليوتيوب حدثا، ومشاهدته على هذا المنوال النصف صامت، مع وجود صورة بالغة الجودة، أفضل من ضياعه، وتحلل النيجاتيف بشكل ابدى، فنصف الفيلم بالتقريب بلا صوت ما يفسر أن اليوتيوب يعتبر أن الفيلم هو الأندر من بين افلام السينما، ولا شك أن الأمر يحتاج معالجة تقنية من الشركة المالكة مثلما فعلت الشركة السعودية التى اشترت أصول الأفلام فى بداية التسعينيات.
الفيلم تشارك فى بطولته الممثلة سامية فهمى التى تقوم بدورعلية الفتاة الميسورة، ابنة رجل الاعمال، التى تقع فى حب الشاب القادم من أوروبا، والذى تعرفت عليه فى المعهد، ويقوم التاجر مجدى بالوقوف إلى جانب أبيها الرأسمالى، ويطلبها لنفسه بعد أن أدى خدمات اقتصادية للأب فى عمله، انه الزواج غير المتكافئ الذى تفرضه الظروف المالية، فمحيى بك تاجر متقدم فى السن، ينتمى إلى ثقافة مختلفة، وقد جسد الدور أحمد علام الذى اعتاد أن يؤدى مثل هذه الشخصية العنيدة الرجعية، مثل دور الأب الطبيب المتعلم فى فيلم «عاصفة على الربيعس، وهو أيضا الباشا والد إنجى فى فيلم «رد قلبى» وأعمال أخرى، الفيلم هذه المرة ليس صراعا بين الفقراء والأغنياء، لكنه مواجهة بين أصحاب المال وذوى الجاه، فالطبيب سعيد يخبر والد حبيبته انه ابن الاميرلاي، هذا الأميرلاى كان صديقا له فى الطفولة، وعليه فإن الزوجة التى تجسدها دولت أبيض فى دور لم يكن جديدا عليها أبدا، تبدو أيضا متسلطة، وتقف إلى جوار زوجها لتزويج الابنة رجلا ذا قدرة مالية، وهو أيضا دور متكرر للممثلة فى أفلام أحرى من «الوردة البيضاء» حتى «امبراطورية م» أى طوال نصف قرن.
النص الأدبى الذى كتبه ابراهيم رمزى ( 1884 ــ 1949) هو فى الغالب رواية حيث ان تراثه المنشور من الروايات العاطفية فى الثلاثينيات، وليس هناك فى الموسوعات الالكترونية ما يدل على أصل الفيلم، لكن المؤلف هو الذى كتب السيناريو والحوار.
فى الفيلم تكرر مشهد غريب نراه كثيرا فى السينما المصرية المقتبسة عن أصول فرنسية، خاصة رواية «ملك الحديد» لجورج أونيه، ومنها فيلم «قلب امرأة» و«ارحم دموعي»، و«ليلة الزفاف» و«حب وكبرياء» حين تطلب عروس من عريسها أن يؤجل التواصل معها، حيث أنها مغرمة برجل آخر، ونقول مصدر فرنسى لأن الرجل الأوربى قد يحتمل اعترافات زوجته فى الليلة الأولى انها تحب رجلا آخر، لكن الرجال فى كل هذه الأفلام من الشخصيات الراقية اجتماعيا، اما العريس فى فيلمنا اليوم فهو ابن بلد، يجسده الممثل عبدالعزيزخليل، واحد من أقسى الوجوه وأكثرها شراسة فى السينما، وهو هنا يلتزم بارتداء الجلباب البلدى دوما، الا فى بعض المواقف، وكل ما فعله العريس الأشيب مجدى بك، أن استحاب لعروسه، ونام على الاريكة بعد أن دخلت غرفتها، وحاول الزوج مراضاتها فى الأيام التالية بإكثار الهدايا الثمينة ومصاحبتها إلى السهرات، كى تكون فرصة لمشاهدة عروض راقصة لسامية جمال، ويبدو العريس هنا وقد تخلى عن الملابس الشعبية وارتدى البدلة وملحقاتها، وصار أكثر عشقا وليونة، وهنا يبدو إلى أى حد تغيرت الأماكن التى تدور فيها أفلام ابراهيم لاما، أى عالم الصحراء والبدو.
يبدو حسن رمزى أقرب إلى شخصية ثانوية حيث ان الموضوع كله يخص علية التى تنتقل بين اسرتها، وقصة حبها، وايضا الزوج الذى لا تحبه، وتترك له المنزل هربا، كى تعمل فى مستشفى المواساة التى ينتقل اليها مختار للعمل، وهناك يتقابلان من جديد، ونرى علاقة حب بين الممرضة والطبيب مثلما سيحدث بعد عشر سنوات فى فيلم «ليلة غرام»
وفى المشهد الأخير من الفيلم يتضح اللغز الذى فرق بين العاشقين، حيث ان الدكتور مختار، وعليه، أمهما هى المرأة نفسها، وأنها فعلت ذلك بناء على الاعتراف الذى تبوح به الأم الحقيقية، وتبدو القصة شديدة السذاجة، عن زمن تتداخل فيه الانساب.
بصراحة، ومع احترامنا لمكانة الأديب ابراهيم رمزى، فهذا النوع من القصص هو امتداد للحكايات الصحراوية الساذجة، ولم يتغير ابراهيم لاما ولم يضف جديدا.

التعليقات