امرأة من زجاج - محمود قاسم - بوابة الشروق
السبت 22 مارس 2025 2:07 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

امرأة من زجاج

نشر فى : الجمعة 21 مارس 2025 - 7:50 م | آخر تحديث : الجمعة 21 مارس 2025 - 7:50 م

 

شهدت السينما المصرية فى النصف الثانى من السبعينيات ظاهرة معروفة باسم الكرنكة بعد النجاح الكبير الذى حققة فيلم الكرنك إخراج على بدرخان عن رواية لنجيب محفوظ بنفس العنوان. لم يكن أبدا يسمح بنشر هذه الرواية أو عمل إنتاج ضخم لهذا الفيلم إلا لسبب سياسى هو تعضيض ثورة الخامس عشر من مايو التى أطاحت بمن تم إطلاق اسم مراكز القوة عليهم وهنا ظهر هذا المصطلح فى أفلام أخرى كثيرة منها وراء الشمس وأسياد وعبيد وإحنا بتوع الأتوبيس وغيرها حيث كانت هذه الأفلام تؤكد أن مراكز القوة قد تحققت فى عالم السياسة قبل رحيل جمال عبدالناصر فى مجالات عديدة منها السياسة والاقتصاد، وعلى المستوى السينمائى فإن فيلم امراة من زجاج 1977 كتبه المخرج نادر جلال ومعه كاتب السيناريو مصطفى كامل، ولعل القللين يعرفون أن نادر جلال كان يضع اسمه ككاتب لأفلام كثيرة من أبرزها واحدة بواحدة ومن خلال متابعاتى للسينما العالمية فإن هناك تلامسا ملحوظا بين قصة هذا الفيلم وبين فيلم إسبانى تم إنتاجه فى السنوات الأخيرة للطاغية فرانكو يحمل عنوان موت سائق دراجة إخراج خوان بارديم حول قيام شخص بقتل شاب سائق دراجة وتم توجيه الاتهام لأحد القضاة الذين يعارضون فرانكو وتمت إضافة فيلم نادر جلال إلى قائمة السينما السياسية التى تتحدث عن مراكز القوة، فهناك رجل سياسة هو صاحب قرار ومتزوج من امرأة جميلة تصغره بسنوات عديدة هذه المرأة تقود سيارتها بنفسها ومعها ضابط أمن وتصدم شخصا وتقتله فى الحال وتهرب، أى أنها هى القاتلة إلا أنها تفاجأ أن اتهاما بالقتل يوجه إلى أستاذ القانون الذى لديه مواقف مشرفة فى التدريس بالجامعة وفى الفيلم المصرى سرعان ما تم توجيه الاتهام إلى الأستاذ العجوز وتم تجهيز كل الأمور القانونية لإدانته ووجد كمال نفسه يتولى التحقيق مع البرىء الذى يجد إدانته مسبقا وهو الشاهد الحقيقى على الحادثة ويعرف من هى القاتلة. إنها زوجة واحد من مراكز القوة وهنا تصدم الأخلاق بالمكانة الاجتماعية بالوظيفة بعلاقة الحب كى تحاول تبراءة القاضى العجوز الذى لم يرتكب شيئا وفى نهاية الأحداث فإن الزوجة المصنوعة من زجاج يسهل تحطيمه تعترف أمام القضاء بأنها هى القاتلة لكن يجب أن يتم تغيير الاعترافات وحسب الفيلم يجب أن يسقط رمز القوة كى يعتدل ميزان العدالة.

حمل نادر جلال مسئولية هذا الفيلم فى تلك الفترة ليصنع عملا سياسيا فى المقام الأول ولا شك أن هناك اختلافا كبيرا بين الفيلم الإسبانى والفيلم المصرى، ولا أعرف لماذا توقف هذا النوع من الأفلام بعد أن تولى الحكم الرئيس السابق حسنى مبارك باعتبار أن هذه الأفلام زاد الإقبال عليها فى السبعينيات، وكان هناك أكثر من مخرج من أجيال متعددة متحمسين لهذا النوع ومنهم على رضا ومحمد راضى وحسين كمال وعلى بدرخان وغيرهم هذه الأفلام ظهرت بشكل مكثف فى النصف الثانى من السبعينيات وكان أبطالها من أبرز نجوم الشر فى السينما أمثال عادل أدهم فى فيلم طائر الليل الحزين ورشدى أباظة فى وراء الشمس وكمال الشناوى فى الكرنك، ولقد تغير الزمن وتغيرت الوجوه ولكن هذه الأفلام لا تزال موجودة تعرض فى قنوات الأفلام شاهدة على ما يسمى بسينما الكرنكة أو أفلام مراكز القوة وهى الأفلام التى ساندت بقوة ما كان يسمى بثورة  15 مايو.

التعليقات