كوكب الشرق - محمود قاسم - بوابة الشروق
السبت 8 فبراير 2025 12:07 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

كوكب الشرق

نشر فى : الجمعة 7 فبراير 2025 - 7:25 م | آخر تحديث : الجمعة 7 فبراير 2025 - 7:25 م

 هذه الأيام تتنافس جميع وسائل الإعلام والصحافة للاحتفال بمرور نصف قرن على رحيل كوكب الشرق السيدة أم كلثوم، التى أضاءت قلوبنا بمشاعر الحب فى أفضل الصياغات وأقوى الأصوات، وقد أثبتت هذه الاحتفالات أن أم كلثوم لا تزال تعيش بيننا بالقوة نفسها، وأن الزمن لم يستطع أن يمر فوق اسمها، بل بقيت حاضرة دوما، وقد ارتفعت درجة عشق الناس لها من خلال وسائل الإعلام المتطورة التى تم ابتكارها منذ بدايتها فى أوائل القرن الماضى وحتى الآن، إنها حاضرة بلا توقف، متجددة بالأغنيات والسير والمواقف، وقد سألنى أحد الزملاء عن جدوى عمل فيلم جديد حولها يحمل اسم «ثومة»، وتذكرت ملكة الأغنية الفرنسية إيديت بياف التى عاصرت أم كلثوم واعتبرت أنها سيدة الأغنية الفرنسية بنفس القوة والحيوية، وقلت إن السينما منذ رحيل هذه المعجزة كانت تنتج فيلما كل عشر سنوات من إخراج أساطير السينما الفرنسية، وفى حياتنا فإن لدينا فيلما واحدا يتيما يحمل اسم «كوكب الشرق» من إخراج محمد فاضل وتأليف إبراهيم الموجى، وجسدت الدور فردوس عبد الحميد عام 1999، أى بعد شهور قليلة من نجاح المسلسل الطويل الذى أخرجته إنعام محمد على، وكانت المشكلة أن الناس قد ارتوت من هذا المسلسل بما يليق بعطاء المخرجة، وظهر الفيلم فى الأسواق كأنه أقرب إلى الصورة رغم جودته.

هذا نوع من الأفلام أسميه (سينما الأقنعة)، بمعنى أن على فردوس عبد الحميد أن تقنع من يشاهدها أنها أقرب إلى أم كلثوم، وأنها الأحق بهذا الدور، وعلى المتفرج أن يقتنع وأن يمحو الصورة الأصلية عند المشاهدة من أجل عملية الاندماج، للأسف الشديد فإن هذا النوع من السينما باهت بشدة فى مصر، وقليل للغاية لدى صناع الأفلام، وإن كانت الدراما التلفزيونية قد تنافست فى القرن الحالى على تقديم أسماء عديدة وشهيرة بعد أن ألبستها أقنعة لكل من ليلى مراد، ونجيب الريحانى، وأسمهان، وسعاد حسنى، وآخرين، والغريب أننا ليس لدينا أى خطة لتقديم هؤلاء المشاهير، خاصة الأدباء والفنانين، وربما رجال السياسة، فكان العدد محدودا للغاية مقارنة بما لدينا من أسماء، والغريب بل والمثير للسخرية أن المخرج حسن الإمام قد قدم راقصات هز البطن كعناوين للتاريخ المصرى الحديث بكل شجاعة دون أن يقترب من أى من زملائه الفنانين أو المخرجين وأيضا أصحاب الفكر، ولدينا أفلام حول حيوات الدكتور طه حسين، وعبدالحليم حافظ، وسيد درويش، لكن للأسف فإن السينما لم تقترب من أساتذة كبار على رأسهم محمد عبد الوهاب، ويوسف وهبى، ونجيب الريحانى، ومن الأدباء عباس العقاد، بينما اقتربت من أبطال الصحراء حاملى السيوف ورموز الشجاعة، ومنهم عنترة بن شداد، وفارس بنى حمدان، والعاشق الساذج جدا قيس بن الملوح، أى أن ثقافتنا الفنية احتفت كثيرا بفرسان الصحراء أكثر من رجال العلم والفكر، وليس لدينا مساحة للإشارة إلى أن عبقريا من طراز أحمد زويل قد تم تجاهله فى حياتنا الثقافية من خلال الدراما، وعلى كل فإن الحياة الطويلة التى عاشها كل فنان أو كاتب أو عالم هو أمر يحتاج إلى مسلسلات طويلة، بما توافر لصاحب الشخصية من تحديات حقيقية وفشل يتبعه نجاح، ولذا فإن فيلم «كوكب الشرق» قد وقف عند مرحلة بعينها من حياة أم كلثوم ابتداء من عام 1944 وحتى نهاية الستينيات، أى بعد رحلة الغناء فى باريس بقليل، وقبل رحيلها أيضا بقليل، وهى الفترة التى بدا فيها المنحنى ينزل بشكل ملحوظ فى حياة سيدة الغناء، وقد عرفت لأول مرة أن هناك اقترانا تم بين شريف باشا أحد أفراد الأسرة الحاكمة، والذى كان يعمل فى شرطة أسيوط وبين السيدة أم كلثوم، وقد تجاهل الفيلم الكثير من التفصيلات الدقيقة التى عاشتها المرأة عاطفيا وإنسانيا، وحسب معلوماتى فإنها تزوجت خمس مرات من أشخاص مرموقين، وهذا وحده كفيل بصناعة قصة جذابة للغاية، لكن السيناريو الذى كتبه إبراهيم الموجى تعامل مع المطربة على أنها كيان مقدس يجب عدم المساس به، فهى من غنى للوطن فى محنه المتعددة، وفى أزمة نكسة 1967، ووسط أحزانها العميقة سافرت إلى باريس لتغنى وجمعت الثروة من أجل المشاركة بالمجهود الحربى، لقد رأينا الكثير من الأقنعة فى هذا الفيلم، بعضها قريب من الواقع مثل شخصية أحمد رامى التى جسدها محمود ياسين، وعرفنا مجددا أنه قد كتب أغانيه من أجلها كعاشق وشاعر، ما أكسبه كل هذا الصدق الذى نعرفه.

التعليقات