وعاد الحب - محمود قاسم - بوابة الشروق
السبت 18 يناير 2025 12:50 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

وعاد الحب

نشر فى : الجمعة 17 يناير 2025 - 6:20 م | آخر تحديث : الجمعة 17 يناير 2025 - 6:20 م

من الغريب أن يلجأ كاتب روائى إلى قصص الأفلام العالمية، وينسبها إلى نفسه، خاصة كاتب بحجم أمين يوسف غراب الذى أصدر مجموعة من الروايات والقصص القصيرة، وقام بتحويلها إلى أفلام. وحسب المتابعة فإن قائمة أفلام كاتب السيناريو هذا لا تذكر بالمرة أنه رجع إلى القصص السينمائية ونقلها بحذافيرها، مثلما فعل كبار الكتاب وعلى رأسهم توفيق الحكيم، وهذا أمر يثير الحيرة واللغط بالنسبة للناقد حين يرى أو حين يكتب، فهذا الكاتب له أعمال ذات صبغة أوروبية أو أمريكية، ومنها «شباب امراة»، و«رنة الخلخال»، و«سنوات الحب»، و«نساء محرمات»، وكلها أعمال أدبية وسينمائية. وقد وصل الأمر إلى واحد من الأفلام الصغيرة (وليست القصيرة)، وهو «وعاد الحب» إخراج فطين عبد الوهاب عام 1960، وهو أحد الأعمال غير الكوميدية فى مسيرته، وبرؤية الفيلم نكتشف أنه نسخة منقولة عن الفيلم الأمريكى «جيلدا» إخراج تشارلز فيدور 1946، بطولة ريتا هايورث وجلين فورد، وهو الفيلم الذى كان سببًا فى نجومية تلك الممثلة، لذا فإن الفيلم المصرى أتى براقصة أكثر براعة، وهى سامية جمال لتؤدى دور لولا، تلك المرأة التى تعمل فى الصالات الليلية، وتكون مطمعًا للرجال، وتتزوج من عباس بين ليلة وضحاها، دون سبب يذكر، سوى البحث عن حماية، باعتبار أن هذا الزوج ميسور يمتلك فندقًا يمكنها أن تعمل به راقصة، أما عباس هذا فهو شخص غليظ استولى على ميراث أقربائه، ثم انتبذهم، وهو يستعين بشاب يدعى حمادة كى يدير له الفندق، ونكتشف أن لولا هى الحبيبة التى هجرت حمادة منذ فترة، وها هى الآن تعود لتصبح تحت إدارته، فيتجدد الحب القديم، فى الوقت نفسه الذى يثق فيه صديقه صاحب المكان، ومثلما حدث فى الفيلم الأمريكى فإن الزوج المغفل يكتشف الخيانة ويبدأ فى التصدى للعاشقين ويطلق عليهما الرصاص، ويتحول الفيلم إلى صورة من سينما الإجرام.
الفيلم مجهول تمامًا فى تاريخ مخرجه، ويبدو باهتًا تمامًا عند مشاهدته، ولا يستحق المتابعة رغم النجوم الكبار الذين قاموا ببطولته، ومنهم أحمد مظهر ومحمود المليجى، ويبدو أن مظهر كان يفتقد إلى الجاذبية التى تمتع جلين فورد بها، كما أن سامية جمال لم تمتلك أى سحر فى هذا الفيلم، ولعل ذلك قد عجل باعتزالها السينما، والغريب أن غراب هو أيضًا من نجوم الكتابة لأفلام ناجحة مليئة بالجنس والمحرمات.
بعد هذا التاريخ بأربعين عامًا جاء كاتب كبير آخر من الجيل نفسه ليعيد كتابة الفيلم باسم «الوردة الحمراء» من إخراج إيناس الدغيدى وبطولة يسرا، ومصطفى فهمى، وأحمد رمزى، وكما يبدو فإننا أمام تكرار للظاهرة نفسها، باستثناء أن الفندق هنا فى مكان مفتوح بالبحر الأحمر، حيث السياحة أفضل، وإذا كانت سامية جمال قد رقصت فى الفيلم القديم فإن يسرا قامت بالغناء فى الفيلم الثانى، وبدت مليئة بالجاذبية والأنوثة، كأنها تستحق كل هذه المنافسات الدامية من أجل الحصول عليها بين رجلين متقاربين، أحدهما يكبرها سنًا، والآخر هو حبيبها القديم، والآن وبعد ربع قرن فإن مصير الفيلمين متشابه، فلا نتذكر أى وردة حمراء كانت، رغم أن كاتب هذا الفيلم هو أحد المحترفين فى اقتباس سينما الأربعينيات وما بعدها.
تعلمنا هذه التجارب أن أفلاما بعينها كانت محببة لدى صناع السينما المصرية، وأن هؤلاء الكتاب والمخرجين كانوا يعودون إلى أفلام شاهدوها فى سن الشباب، ويقدمونها من وقت إلى آخر، وأستطيع القول إن قيمة هذه الأفلام تأتى من جاذبية نجومها، فالممثلة الأمريكية كانت مجرد اسم صغير غير لامع حتى قابلت المخرج فقام بدفعها إلى خبراء التجميل وتدريبها على الرقص لتصبح واحدة من أشهر بنات عصرها، ربما حتى الآن، فقد ظلت ريتا نجمة لمدة عشرين عامًا بعد «جيلدا»، وكذلك يسرا بعد «الوردة الحمراء»، أما سامية جمال فقد تزوجت وعاشت فى ظل زوجها النجم الكبير.

التعليقات