يبدو أن الاكتئاب ليس حكرا على الباغلين إنما هو أيضا مرض ينتشر بين أطفال المدارس والمراهقين. فى الوقت الذى تعلن فيه منظمة الصحة العالمية أن من يعانون من الاكتئاب فى العالم قد تجاوزوا الثلاثمائة وخمسين مليونا من البشر، تُعلن عن توقعات تشير إلى أن مرضاه عام ٢٠٢٥ سيزيدون عن مرضى القلب وتصلب الشرايين.
الدراسة الإنجليزية جاءت نتاج جهد علمى مشترك بين أستاذة علم النفس Barbra Shamkian، وأستاذ علم الأمراض العصبية Ian Goodyer.
تشير الدراسة إلى أنه على الأقل عشرة بالمائة من أطفال ومراهقى بريطانيا والذين تتراوح أعمارهم بين الخامسة والسادسة عشرة إنما يعانون من درجات مختلفة من أمراض عقلية وحالات ذهنية. تلك النسبة أيضا تنسحب على أطفال ومراهقى البلاد الأوروبية المختلفة.
تدعو الدراسة لإجراء فحوصات موسعة لاكتشاف حالات الاكتئاب فى طورها المبكر رغبة فى علاجها والوقاية من تداعياتها. تعد الدراسة الطفل الذى لا يمتلك القدرة على التكيف مع المجتمع المحيط به ويظل منطويا على نفسه غير قادر على الخروج من قوقعة ذاته إنما هو فى مرمى خطر أن يطاله الاكتئاب لاحقا على مر سنوات عمره.
تقترح الدراسة اختبارا ذهنيا يمكن إجراؤه باستخدام برنامج كمبيوتر معد خصيصا لاكتشاف بدايات الاكتئاب ومعاونة فحص جينى للموروثات الجينية المعروف علاقتها بالاكتئاب.
برنامج الكمبيوتر يسجل مشاعر الطفل وكيف يترجمها باستخدام مفرداته اللفظية الخاصة به الأمر الذى يعكس مدلولاتها الحقيقية داخله. البهجة، الفرح، الفشل، الإحباط، الهزيمة وغيرها من الكلمات الموحية استخدمتها الدراسة للتعرف على طبيعة النسيج النفسى للأطفال والمراهقين وانتقاء من منهم معرض للدخول فى نوبات اكتئاب لاحقا.
رغم ما لقيته الدراسة من اهتمام ورد فعل إيجابى تجاه ذلك الاختبار الذى يمكن به رصد الحالات المعرضة لخطر الاكتئاب فى سنوات قادمة يظل سؤال يلح على خاطرى. كيف سيكون حال طفل أو مراهق تم تشخيصه على أنه هدف لاكتئاب قادم؟ وما هو رد فعله إذا ما احتل تلك الخانة حبيس احتمال قاس قد لا يصدق؟ أليس فى هذا ضغط عصبى قد يقود بمفرده إلى الاكتئاب؟
لست أدرى إذا ما كان ذلك الخاطر قد يغرى أطباء النفس لدينا بمتابعة نتائج تلك الدراسة التى استوقفتنى وتبنى دراسة مصرية لاستجلاء الصحة النفسية فى مجتمعات الصغار؟
الاهتمام بالصحة النفسية لا يجب أن يقتصر على الكبار بل يجب أن يشمل الصغار أيضا وبصورة تكفل الرعاية الكاملة لهم من خلال برامج الصحة المدرسية والتأمين الصحى.