سأعود بلا دموع - محمود قاسم - بوابة الشروق
السبت 1 مارس 2025 1:22 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

سأعود بلا دموع

نشر فى : الجمعة 28 فبراير 2025 - 7:25 م | آخر تحديث : الجمعة 28 فبراير 2025 - 7:25 م

 ما أجمل أن يشاهد الناقد كل الأفلام المأخوذة عن عمل أدبى حين يتوقف عند واحد من هذه الأفلام للتناول، وعلى المستوى الشخصى فكم أستمتع بمقارنة موضوع المسرحية السويسرية «زيارة السيدة العجوز» للكاتب فريدريش دورينمات، وهى أحد الأعمال القليلة فى الأدب الحديث التى تحولت إلى أفلام متعددة الجنسيات، منها الفيلم الأمريكى ــ الألمانى «الزيارة» إخراج برنارد فيكى عام 1964، هذه المسرحية شاهدناها أيضا على خشبة المسرح فى مصر من بطولة شويكار ومحمود ياسين تحت عنوان «الزيارة انتهت»، أما فيلم «سأعود بلا دموع» إخراج تيسير عبود وكتابة بشير الديك فإن كاتب السيناريو قام باختلاق تفاصيل كثيرة للغاية كى يغلف بها موضوع العاملة الفقيرة التى هربت من قريتها، بعد أن تحرش بها حبيبها البسيط، وغابت عدة سنوات وتزوجت من رجل عجوز، فلما صارت فى سن كبيرة، رجعت مرة أخرى إلى قريتها القديمة، كى تنتقم من حبيبها سيرج الذى تزوج وصار بقال القرية والذى يتعامل معه الناس جميعا فى البيع والشراء.

من خلال سطوة المرأة سارة استطاعت أن تغير قوانين القرية لإعادة محاكمة حبيبها القديم، وأخذت حكما ضده بالإعدام، ما يعنى أن أهل القرية قد باعوا بقالهم بثمن بخس مقابل إرضاء المرأة العجوز التى أخذت حبيبها فى تابوت وعادت من حيث أتت وهى تردد: «الزيارة انتهت».

فى الفيلم الألمانى فإن المرأة ظلت تلح على أهل القرية حتى حصلت على حكم بإعدام حبيبها القديم، وفى اللحظة الحاسمة أعلنت القرية أنها قد غفرت للرجل جريمته، وصار فى إمكان سيرج أن يعود صباح اليوم التالى لفتح حانوته ليستقبل الزبائن الذين باعوه بالأمس بثمن بخس، وسوف يظل طوال حياته يعيش بين هؤلاء الذين باعوه.

عظمة هذه النهايات أن لكل منها معنى مقصودا به فلسفة وحكمة، أما بشير الديك فقد وجد أن القصة الأجنبية غير كافية لعمل فيلم تجارى، فاختلق الكثير من الحوادث التى سبقت هروب هند حاملة عارها، ورأينا فى الفيلم المصرى كيف عاشت هند بين أبويها المتحابين بشدة، فالأم رفضت كثيرا إغراءات الثرى الذى طرد زوجها من العمل وجعله يعانى من البطالة، وفى الوقت نفسه إنه سعى إلى تزويج ابنه العائد من الخارج بفتاة ثرية، شاركته بأموالها من أجل توسيع سلطاته وممتلكاته، وحسب الفيلم فإن هند التى صارت بنت ليل تحمل اسم شريفة قد بدأ انتقامها من حبيبها وأبيه قبل أن تقرر العودة إلى القرية، وتغير من ضمائر الناس حيث اشتركوا فى التخلص من جابر وابنه محمود بعد أن تم إفلاسهم، وحاول محمود استعادة هند لنفسه ولكن نهايته كانت مأساوية.

فى هذا الفيلم لم نرَ سوى قصة انتقام تقوم به امراة دون أن نفهم المعنى رغم عنوان الفيلم المحايد تماما، وعلى كل ما زلت متأثرا بالفيلم الألمانى الذى قام ببطولته أنتونى كوين وأنجريد بيرجمان، فكم كان بسيطا ومليئا بالمعانى، فلا شك أن سيرج سيفتح حانوته ليبيع ويشترى، ليكسب ويتقبل أن يعيش بين من باعوه بالرخيص، وكل هذه الأعمال تقف عند مفهوم أن سارة لم تستطع الانتقام إلا من خلال ما لديها من ثروة حققتها من خلال زواجها من رجل عجوز، وفى الفيلم المصرى فإن هند مجسدة من خلال مديحة كامل لم تكن أبدا امرأة عجوزا، بل هى فاتنة، شابة، جميلة أحبها محمود، وجن بها المليونير العجوز الذى لم يستطع أبدا أن ينال منها لعدة أشهر، كلما صدته أقبل عليها، ومن خلال ذكائها الاقتصادى عادت لتنتقم.

التعليقات