على هذه الصفحة أذكر بالخير خاصية اليوتيوب، التى مكنتنى من مشاهدة أفلام كثيرة كانت ضائعة ومن الصعب مشاهدتها، ولهذا السبب أطلقت على هذا العمود الأسبوعى مصطلح اليوتيوب، وعندما كتبت دراستى تحت عنوان صورة الأجيال فى السينما المصرية كانت معلوماتى صغيرة جدا عن الفيلم فاضطررت إلى الكتابة عن الوعد الحق، وهو الكتاب الجميل للدكتور طه حسين حول آل ياسر، الذين عانوا من الكفار وهم أول من دخلوا الإسلام، وقد قال طه حسين إن هؤلاء الأشخاص المسلمون دخلوا صفحات التاريخ من زاوية المستضعفين الذين آمنوا بالرسالة وساندوها بقوة، وفى الفترة الأخيرة تابعت هذا الفيلم على الشاشة، واكتشفت أنه رغم أهميته فإن ما كتب عنه قليل، حتى الذين أعدوا دراسات حول الإسلام والسينما، الفيلم مأخوذ عن كتاب طه حسين، وهو بمثابة سيرة لعائلة عمار بن ياسر التى تعذبت كثيرا وقد أخرج الفيلم وكتبه إبراهيم عزالدين المصرى العائد من أمريكا لإخراج هذا الفيلم وإلى ما لبث أن اختفى لقد كتب السيناريو بالإضافة إلى الإخراج وفيما عدا قصة عمار بن ياسر فإن الفيلم بمثابة مسيرة حول ظهور العقيدة فى الجزيرة العربية والمتاعب التى عانها صاحب الرسالة والأحداث الكبرى مثل الهجرة إلى المدينة ثم فتح مكة، أى أن قصة عمار بن ياسر تحولت فى الفيلم إلى صورة هامشية، وقد تصور النقاد أن هذا هو الفيلم الأول حول الإسلام، لكن بالبحث اكتشفت أن أول فيلم دينى كان يحمل عنوان ابن عنتر إخراج أحمد سالم عام 1948. ويقرر فيه ابن عنتر التوجه إلى حيث يوجد الرسول ليعلن له إيمانه به، وفى فيلم ظهور الإسلام فإن هناك مشاهد أقرب إلى ما يسمى السيرة المسيحية فى السينما الأمريكية. فقد حاول الفيلم التأكيد على أن المسلمين خاصة العبيد عانوا بشدة من تعذيب سادة قريش لهم، وفى الفيلم نفسه هناك إجابة تؤكد أن السيد لم يكن بالقسوة والوحشية التى عرفناها فى التاريخ المسيحى، فكل ما حدث أن السيد يردد لأسرة آل ياسر أكثر من ستة مرات جملة (أذكر محمد بسوء) ويكون الرد هو أنه لا إله إلا الله، محمدا رسول الله لذا سرعان ما تحول الفيلم إلى الحديث عن شخصيات تاريخية دخلت الإسلام ومنهم صحابة الرسول الذين خلفوه فى قيادة الدولة الإسلامية. الطريف أن الأفلام الدينية المصرية الأخرى مثل بلال بن رباح، وفيلم الله أكبر اعتمدت على مسألة التعذيب الوحشى، كما أن الفيلم توقف عند سماحة الحدث أمام صلابة أبى سفيان الذى عفا عنه الرسول وانتهت أحداث الفيلم بالفتح العظيم.
كان الفيلم بمثابة بوابة تم من خلاها اكتشاف نجوم جدد فى السينما المصرية منهم أحمد مظهر، وكمال ياسين، وتوفيق الدقن، وعبدالمنعم إبراهيم بالإضافة إلى كوكا، وعباس فارس، وآخرين. وقد فتح هذا الفيلم الباب لأعمال أخرى كانت تضر أرباحا كبيرة، خاصة، عند عرضها فى الدول الإسلامية بآسيا، وللأسف فإن الممنوعات فى هذه الأفلام كانت كثيرة ما جعل الإنتاج الفنى فيها محدود للغاية، كما أن تكاليف هذه الأفلام كانت كبيرة وللأسف فقد ضاعت من تاريخنا أفلام منها مولد الرسول بطولة يوسف وهبى الذى تم إنتاجه فى لبنان، وأتمنى العثور على هذه الأعمال والحديث عنها ومشاهدتها على اليوتيوب.
مشاهدة هذه الأفلام تتسم ببلاغة فى أنها بمثابة كتيبات معرفية حول تاريخ الإسلام والصحابة، ونحن نعرف أن المخرج السورى مصطفى العقاد قد أخرج فيلم «الرسالة» ليشاهده العالم كله، ولا أعرف لماذا وقفت بعض الجهات ضد عرضه فى دور السينما داخل مصر إلا أن الفيلم موجود منذ سنوات على اليوتيوب ويعرض فى المناسبات لأن الرقابة لم تستطع الوقوف ضد التكنولوجيا وكان الرابح هو المشاهد الذى رأى التاريخ الإسلامى ورجاله فى الصورة والألوان وفى إطار من التمثيل والإلقاء الجيد، وكم أتمنى لو تم تخفيف الرقابة لمشاهدة بعض الشخصيات الدينية مثلما حدث فى الأفلام العظمى التى أنتجتها هوليوود.