كنت اتهيأ للكتابة عن ذلك الحادث الجلل الذى قام فيه طبيب بخنق زوجته وذبح ثلاثة من أطفاله فى سخا بمحافظة كفر الشيخ، وفى ذاكرتى الزميل الآخر الطبيب والأستاذ الجامعى الذى جلد ابنه الشاب حتى الموت، ووصفه زملاؤه «بالخلوق». القاتل فى كلتا الجريمتين طبيب، عهد الله إليه سبحانه بأرواح البشر.
غيرت رأيى فجأة حينما وقع بصرى على هذا الخبر الذى ربما «هربت» إليه رغبة منى فى ألا أبدأ العام الجديد بما يكدر النفس ويثقل القلب ويحرك المواجع فى نفوس الناس ومنهم الزملاء الأطباء.
يظل الأمر عند حدود أن الخبر تصريح صحفى لوزيرة الصحة جاء خلال زيارة مفاجئة لمستشفى أحمد ماهر، سجلتها عدسة جريدة الأهرام. لا أنكر أننى ابتهجت للحظة ضبطت نفسى فيها متلبسة فقررت أن أستغل تلك اللحظة لأنشر الخبر متوهمة أن فى ذلك تأكيدا له قد يسعد زملاء المهنة ويدفعهم للتفاؤل فى بداية سنة جديدة من سنوات الكفاح.
أعلنت الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة والسكان، عن اختيار الوزارة عام ٢٠١٩ ليكون عام مقدمى الرعاية الصحية، موضحة أنه تتم دراسة كيفية تحسين دخول الأطباء ومقدمي الخدمة الصحية وفتح قنوات تواصل معهم لتذليل أى عقبات قد تواجههم خلال عملهم بما يضمن تقديم أفضل خدمة صحية للمرضى.
مقدمو الخدمة الصحية المقصود بهم بلاشك الأطباء والتمريض والفنيون والعاملون فى المؤسسات الخدمية الصحية.
إذن.. آن الآوان للاهتمام بمقدمى الخدمة الصحية يا زملاء المهنة. مجرد الإعلان بلا شك يشعرنا بالارتياح، لكننى قد أتوقع أن يكون فى إعلان التفاصيل قدر أكبر من الارتياح والاطمئنان إلى جدية الأمر وأن الخبر لن يقف عند حدود التمنى والتفاؤل الذى يستوجب آيات الشكر والامتنان، لينتهى العام وقد اقتصر عام ٢٠١٩ على خبر أنه عام مقدمى الرعاية الصحية الذى انتهى بمجرد الإعلان فى الإعلام عن عنوان براق تبخر.
ما الهدف إذن من الكتابة عن الخبر ــ الذى نشر بالفعل فى الأهرام ــ وفى الشروق؟
بداية أردنا أن يقرأه أكبر عدد ممكن من الزملاء فأنا أثق تماما فى أن تلك رؤية معالى الوزيرة وكامل رغبتها، لذا أتمنى دعمها ومساعدتها. لذا أدعو نقابة الأطباء بل وكل زميل وزميلة لديه رؤية واقعية لحلول واقعية لمشاكل الصحة فى مصر ــ أن يطرق باب الوزيرة بقلب مطمئن أن حديثه سيكون محل اهتمام وأنها ستصغى إليه وستناقشه، وربما لأنه من المنطقى أن وقتها لن يسمح بسماع الكل، خاصة إذا ما كانت المناقشات ستتطرق إلى مشاكل شخصية لذا فأنا افتح الصفحة بل كل صفحات «الشروق» ولا أظن رئيس التحرير لديه أي مانع لكل صاحب رؤية من الأطباء ليعبر عنها.
أراها فرصة لا تتكرر كثيرا.. أعزائى زملاء المهنة من مقدمى الخدمة الصحية فاغتنموها.
.. لا تتردووا.