اعترف انى كنت مخطئة فى حق الشباب المصرى الذى أدين له باعتذار عميق، لم أكن أدرك قيمته وقدره، كنت أتابع القضايا الخفيفة، التى يثيرها الشباب من خلال الـ«فيس بوك»
و«تويتر»، وكنت أتابع حماسه لكرة القدم والذى كان يستغله البعض أحيانا فى خلق معارك وهمية داخلية وخارجية تليه عن قضايا الوطن مثلما حدث بيننا وبين شعب الجزائر الشقيق، لكن ما رأيته منذ 25 يناير «يوم الغضب» ثم جمعة الغضب، ومن بعدها المظاهرة المليونية فى ميدان التحرير، كان مفاجاة مذهلة للكثيرين وليس لى فقط، رأيت شبابا من مختلف الأعمار ومختلف الثقافات ودرجات التعليم. خريجون وطلبة من الجامعات العادية والأجنبية هناك من يحمل درجة الماجستير والدكتوراة وهناك من لا يحمل شهادات، عاملون وعاطلون وربات بيوت، مختلف المستويات ممثلة هنا فى ميدان التحرير أغنياء وطبقة متوسطة وفقراء، شباب لم تؤثر فيهم آلاف القنابل المسيلة للدموع، التى انهمرت عليهم ووقفوا يهتفون بشجاعة نادرة «الشعب يريد إسقاط النظام» حتى الرصاص المطاطى والحى الذى قتل منهم المئات لم يرهبهم.
يوم الثلاثاء الماضى ورغم الأعداد الضخمة التى شاركت فى المظاهرة المليونية بميدان التحرير فإن الشباب كانوا يسيطرون على كل شىء فى الميدان.
لجان نظام تقوم بتفتيش الوفود الغفيرة المتدفقة على الميدان لتتأكد من عدم وجود مندسين يفسدون نقاء ثورتهم، أماكن مخصصة لكبار السن، المئات من الجنسين يقومون بتنظيف كبرى قصر النيل وميدان التحريرمن القمامة ولم تعوقهم الأعداد الضخمة.
وفى ليلة الخميس تحمل الشباب تضحيات جديدة عندما خرجت عليه عناصر مسلحة بالحجارة وزجاجات الملوتوف والأسلحة النارية دفعت بها قيادات الحزب الوطنى فى محاولة لإخراجه من ميدان التحرير ليسقط منهم شهداء جدد وجرحى جدد دون أن يتزحزح من مكانه مفضلا الشهادة أو تحقيق مطالبه
هذا الشباب الرائع الذى رفض أن يسرق احد ثورته، والذى نزل ايضا فى الشوراع يحمى ممتلكاته العامة والخاصة ــ يستحق أن ينعم بالحرية والديمقراطية فى بلده ويستحق أن يجد العمل اللائق والأجر المناسب، هذا الشباب من حقه أن يتولى أرفع المناصب وكلنا ثقة أنه سيحقق لبلده أعلى درجات الرقى والتقدم وإذا كانوا قد أطلقوا على ثورة تونس ثورة الياسمين فقد أطلق البعض على ثورة الشباب فى مصر ثورة «الورد البلدى» وهو بالفعل كذلك ورد بلدى ناضر احتضنته أرض مصر ليقوم هو باحتضانها الآن.