كم لدينا من المصانع المماثلة لبرج كرداسة؟ - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 10:17 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كم لدينا من المصانع المماثلة لبرج كرداسة؟

نشر فى : الجمعة 5 فبراير 2021 - 7:45 م | آخر تحديث : الجمعة 5 فبراير 2021 - 7:45 م

أليس من المنطقى أنه قبل إعطاء ترخيص بإنشاء أى مبنى أو منشأة أو مصنع جديد أن يتم التأكد أنه استوفى كل اشتراطات البيئة والدفاع المدنى؟
الذى ذكرنى بهذا السؤال، هو الكارثة التى حلت بعمارة الطريق الدائرى عند كرداسة وحى الهرم، التى شب فيها حريق استمر مندلعًا أكثر من ٧٢ ساعة متواصلة بسبب عدم قدرة الدفاع المدنى على الوصول السريع لداخل العمارة.
تفاصيل حريق هذه العمارة تصلح نموذجًا مثاليًا لكل أنواع المخالفات، ومثالا سافرا على الثمن الفادح الذى يدفعه المجتمع بأكمله بسبب فساد بعض المسئولين بالمحليات.
البرج الذى يضم ١٤ دورًا و١٠٨ شقق سكنية ومصنعا ومخزنا على مساحة ألف متر بواقع ٣ أدوار عبارة عن بدروم ودورين أول وثانٍ، لم يحصل على ترخيص.
والمصنع بدوره لم يحصل على ترخيص. كتبت عن هذا الأمر قبل أيام، واليوم أركز فقط على نقطة الدفاع المدنى والبيئة.
قبل حوالى ثلاثة أعوم، قابلت مسئولا مهما أسبق فى قطاع البيئة، وتطرق الحديث إلى الاشتراطات البيئية، وفوجئت يومها أن أى شخص يمكنه أن يبنى ويؤسس مصنعًا لأى نشاط، من دون رقابة فعلية. هو يفترض أن يحصل على موافقة وزارة البيئة على هذه الاشتراطات، ولأن هذا الأمر مكلف ماليًا مثلًا، ولنفترض أنه سيدفع مليون جنيه لتلبية هذه المتطلبات، فإنه يتجاهل ذلك.
مقابل أنه يدفع غرامة، ولتكن مائة ألف جنيه مثلًا، وهكذا يهرب بكل سهولة من هذا البند المهم، هو سيوفر فى هذه الحالة ٩٠٠ ألف جنيه نظريًا، لكن حينما تقع الكارثة فإنه خسر البرج والمصنع والمخزن وخسر السكان ١٠٨ شقق سكنية، وهكذا فقد نكتشف فى حالة انهيار أو هدم البرج، وهو أمر محتمل جدًا٬ أن تصل الخسائر الإجمالية لمئات الملايين من الجنيهات ناهيك عن قيمة الثروة العقارية المهدرة.
أصحاب هذا البرج لم يكلفوا أنفسهم اتباع الحد الأدنى من الإجراءات السليمة فى الدفاع المدنى والأمن الصناعى، بل وربما لم يكلفوا أنفسهم عناء إحضار مكتب هندسى محترف. هم شيدوا البرج على قاعدة مسلحة مساحتها ألف متر، والطابق الأول مشيد بالأسمنت المسلح من دون استخدام طوبة واحدة، والأخطر عدم وجود منافذ أو فتحات تهوية كافية تتيح استخدام وسائل الدفاع المدنى فى حالة حدوث حرائق.
والنتيجة أن السيطرة على الحريق صارت أشبه بالعملية الانتحارية، وتمت الاستعانة بـ«دقاق» لإحداث ٤ ثقوب فقط بسبب قوة وصلابة التسليح، لكن الحريق المستمر لثلاثة أيام، ومع استخدام المياه، جعل أعمدة الأسمنت المسلح تتصدع وتنهار، وتحول المصنع والمخزن إلى «قبر مسلح بلا أبواب»!
الحد الأدنى من احتياطات واشتراطات الدفاع المدنى، أنه لا يمكنك بناء مصنع وفوقه مخزن به كل هذه الكميات الضخمة من المواد القابلة للاشتعال مثل «التنر» و«الكلة»، وسط كتلة سكنية والأخطر أسفل عمارة سكنية بها ١٠٨ شقق سكنية.
السؤال الذى يفترض أن يشغل كل الأجهزة المحلية وجميع الجهات ذات الصلة هو: كم هو عدد الحالات المماثلة لبرج الهرم، وهل هناك إمكانية فعلية للتحرك بسرعة قبل أن نتفاجأ بكارثة أخرى مماثلة، والسؤال الذى أراه مهما هو: هل هناك إمكانية عملية لإصلاح الأوضاع، داخل قطاع المحليات عموما وإدارات الأحياء، خصوصا بعض المهندسين والموظفين معدومى الضمير؟!

عماد الدين حسين  كاتب صحفي