ترامب والعرب ومقاومته - أشرف البربرى - بوابة الشروق
الأربعاء 5 فبراير 2025 10:40 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

ترامب والعرب ومقاومته

نشر فى : الأربعاء 5 فبراير 2025 - 8:30 م | آخر تحديث : الأربعاء 5 فبراير 2025 - 8:30 م

بات واضحا أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب سيضع الدول العربية شعوبا وحكاما أمام لحظة حاسمة يفرض علينا فيها التصدى لمخططاته الإجرامية والعنصرية ليس فقط ضد الشعب الفلسطينى وإنما ضد الدول العربية ككل، بعد أن قطع الطريق أمامنا نحن العرب للتفكير فى إمكانية التعايش مع إجرام إسرائيل وراعيتها أمريكا، أو حتى غض الطرف عن هذا الإجرام.

 


فالرجل الذى بدأ حديثه بـ «بتهجير مؤقت» للفلسطينيين من قطاع غزة لحين إعادة بنائه، قال أول أمس وإلى جواره رئيس وزراء الكيان الصهيونى بنيامين نتنياهو المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب إنه يريد أن تتولى الولايات المتحدة ملكية قطاع غزة وإعادة تطويره بعد إعادة توطين الفلسطينيين فى أماكن أخرى، مضيفا: «سوف نمتلكه ونكون مسئولين عن تفكيك جميع القنابل غير المنفجرة والأسلحة الخطيرة فى الموقع».
أصبح ترامب يتحدث عن امتلاك وليس حتى احتلال بلاده للأرض الفلسطينية وتهجير شعبها منها بشكل دائم وليس مؤقتا كما قال من قبل، وعلى منواله غزل مجرم الحرب رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو فقال إن ترامب يفى بوعوده التى بدت فى البداية غير قابلة للتصديق، مضيفا: «بعد الدهشة، يبدأ الناس فى التفكير ثم يقولون: أتعلمون.. إنه على حق».
والسؤال الآن هو هل تخلى الدول العربية عن الشعب الفلسطينى وتركه وحيدا فى مواجهة أطماع إسرائيل وشطحات ترامب سيضمن لها الأمان والسلامة؟
الحقيقة أن تصريحات قادة إسرائيل وحلفائها فى إدارة ترامب تقول لا. فأطماع إسرائيل المعلنة الآن تتجاوز أرض فلسطين وتمتد إلى كل الدول العربية المجاورة. وترامب نفسه يرى أن مساحة إسرائيل الحالية صغيرة ومستعد للقبول بتوسيعها الآن على حساب فلسطين وفى المستقبل على حساب الدول العربية الأخرى. والقبول بتشريد الشعب الفلسطينى من غزة، كما يتوهم ترامب، سيفتح شهية العدو الصهيونى واليمين العنصرى الحاكم فى واشنطن على التهام المزيد من الحقوق العربية.
فى المقابل فإن الدول العربية قادرة وتستطيع التصدى لشطحات ساكن البيت الأبيض، ودعم صمود الشعب الفلسطينى ومقاومته المشروعة للاحتلال الفلسطينى بكل الوسائل لإفشال المخطط الإسرائيلى والأمريكى، بشرط تغليب المصلحة العليا للأوطان على مصالح دوائر الحكم والنفوذ، وتوحيد المواقف. وقد أظهرت حرب طوفان الأقصى فى قطاع غزة قدرة المقاومة ومعها الشعب الفلسطينى على التحدى وتحمل الثمن الباهظ لمقاومة الاحتلال، رغم أنهم لم يحظوا بأى دعم عربى حقيقى طوال تلك الحرب فى الوقت الذى كانت تحظى فيه إسرائيل بكل أنواع الدعم الغربى.
كما يمكن للعرب التلويح بتهديد المصالح الاقتصادية والاستراتيجية الأمريكية، وبالاتجاه شرقا نحو الصين، والتقارب مع إيران، وإقامة تحالف إقليمى عربى إيرانى تركى، حتى يدرك الأمريكيون أنهم يمكن أن يدفعوا ثمنا لشطحات رئيسهم ومن حوله من دوائر اليمين العنصرى الحاكم فى واشنطن.
فى المقابل لم يحتج العالم إلى أكثر من أسبوعين اثنين لكى يتأكد أن ترامب مستعد دائما للتراجع عما يتخذه من مواقف متى ما رأى تحديا حقيقيا لأفكاره المتطرفة وتصوراته العنصرية عن سيادة أمريكا للعالم فإنه يتراجع سريعا.
فبعد فوزه فى انتخابات الرئاسة الأمريكية فى نوفمبر الماضى وقبل تنصيبه فى 20 يناير، تعهد ترامب بفرض رسوم على كل واردات بلاده اعتبارا من أول يوم له فى البيت الأبيض لتمويل التخفيضات الضريبية التى وعد بها الناخبين الأمريكيين. وبعد تنصيبه قلص نطاق هذه الرسوم لتقتصر على كندا والمكسيك والصين، وإن لم يسحب تعهده بفرض الرسوم على كل الواردات فى قابل الأيام.
فى المقابل ردت كندا والمكسيك بالتهديد باتخاذ إجراءات عقابية مضادة ردا على تلك الرسوم، وأعلن رئيس وزراء مقاطعة أونتاريو اعتزامه فسخ التعاقد مع شركة ستارلينك التى يمتلكها إيلون ماسك حليف ترامب المقرب، فتراجع فى اللحظة الأخيرة وأجل فرض الرسوم عليهما قبل بدء تطبيقها بساعات قليلة. أما الصين فردت بفرض رسوم تتراوح بين 10 و%15 على مجموعة واسعة من الصادرات الأمريكية ردا على رسوم ترامب على منتجاتها بنسبة 10%.
مواجهة خطط ترامب لتسليم المنطقة العربية للقيادة الإسرائيلية، لن تكون انتحارا سياسيا للأنظمة العربية وإنما قد تكون طوق النجاة لها، خاصة أنها ليست خسارة بكل الحسابات، كما رأينا فى الأيام القليلة الماضية، وكما رأينا فى معركة طوفان الأقصى قبل ذلك.

التعليقات