قانون كل مواطن - أشرف البربرى - بوابة الشروق
الخميس 3 أكتوبر 2024 1:28 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قانون كل مواطن

نشر فى : الأربعاء 25 سبتمبر 2024 - 7:50 م | آخر تحديث : الأربعاء 25 سبتمبر 2024 - 7:50 م

قانون الإجراءات الجنائية ليس كغيره من القوانين التى يمكن للبرلمان مناقشتها أو تعديلها بعيدا عن الرأى العام بمفهومه الأوسع وهو الشعب كله؛ لأن هذا القانون ببساطة يمس كل إنسان فى هذا البلد بدءا من بائعة الفجل والجرجير فى الشارع التى يمكن لشرطة المرافق القبض عليها بتهمة إشغال الطريق العام أو ممارسة نشاط تجارى بدون ترخيص، وحتى السادة أعضاء البرلمان أنفسهم.

 

فإذا كانت مواد قانون العقوبات وغيره من القوانين «العقابية» تتعامل مع المواطن بعد إدانته بارتكاب جرم ما، فإن قانون الإجراءات الجنائية يتعامل معه منذ مرحلة الاشتباه والاتهام، وهو ما يعنى أن سيفه مصلت على الأبرياء وغير الأبرياء، لذلك فإن التأنى فى إصداره والتأكد من توافر جميع الضمانات لهذا المواطن «البرىء حتى تثبت إدانته» يجب ألا يكون محل جدل ولا خلاف. كما أن قانون الإجراءات الجنائية فى أى نظام قضائى هو السياج الحامى لحقوق المواطن الأعزل من أى سلطة فى مواجهة باقى السلطات سواء كانت سلطة الضبط أو التحقيق أو حتى المحاكمة. لذلك يجب ألا تحاول أى من هذه السلطات الحصول على ما تراه ضمانات لتعزيز نفوذها أو حتى حمايتها على حساب حق المواطن الأعزل من ضماناته المستحقة، مهما كانت التبريرات.
فى الوقت نفسه فعلى كل الأطراف المعنية بصياغة قانون الإجراءات الجنائية إدراك حقيقة أنه «لا يقبل القسمة على اثنين» ولا يجب أن تخضع صياغته للمواءمات والحلول الوسط التى يمكن أن تكون على حساب ضمانات المواطن فى ضوء ما تعارفت عليه الأمم المتقدمة من قواعد قانونية ودستورية فى مجال الإجراءات الجنائية. كما يجب ألا يغيب عن كل الأطراف ذات الصلة بإصدار قانون الإجراءات الجنائية الجديد وفى المقدمة منهم بالطبع أعضاء مجلس النواب باعتبارهم أصحاب الكلمة الأخيرة فى كل الأحوال القاعدة التى تقول إن «إفلات 100 مذنب من العقاب أفضل من إدانة برىء واحد» وهو ما يعنى ضرورة أن يكون الهدف الأساسى لكل مواد القانون توفير أقصى حماية ممكنة للبرىء من السقوط فى دائرة الإدانة، بدلا من تسهيل تثبيت الإدانة مهما كانت المبررات والظروف.
ولما كان هذا القانون ــ كما قلنا ــ يهم كل إنسان على أرض مصر، أرى أنه من الواجب بث مناقشات هذا القانون سواء فى مجلس النواب أو حتى فى جلسات الحوار الوطنى إن تم طرحه للنقاش فيها أو فى النقابات ومنظمات المجتمع المدنى الشرعية عبر الهواء مباشرة. والحمد لله لدينا العديد من القنوات التلفزيونية التى تستطيع بث هذه المناقشات، ولدينا عشرات البرامج الحوارية التى يمكنها مناقشة كل الصياغات المطروحة حتى إذا ما صدر القانون تكون الغالبية العظمى من المواطنين واعين بما يحتويه من ضمانات لحقوقهم ويفرضه عليهم من قيود.
كما يمكن الأخذ باقتراح الزميل محمد بصل بإنشاء البرلمان منصة إلكترونية مفتوحة تتيح نصوص القانون الحالى وفق أحدث تعديلاته، والمشروع المقترح، وتوصيات الحوار الوطنى ومقترحات النواب والجهات الرسمية والنقابات والمجتمع المدنى، ويستطيع المراقبون أن يتابعوا من خلالها تطور نسخ المشروع والتعديلات التى تطرأ عليه أثناء النقاشات. بل ولِمَ لا تُفتح هذه المنصة لتلقى مقترحات وملاحظات من المواطنين، تتلقاها وتنقحها مجموعة من الباحثين البرلمانيين.، حتى إذا خرج القانون إلى النور يخرج فى أتم صورة ممكنة فليس من القوانين التى يمكن ترك التطبيق والواقع يكشف عن مشكلاتها لأن اكتشاف عيوبه وأوجه القصور فيه عبر التطبيق سيكون على حساب مواطنين أبرياء قد يدفعون من حريتهم وحقوقهم ثمنا لاكتشاف عيوبه وهو أمر لا أعتقد أن أحدا مستعد لقبوله ولا تحمل مسئوليته أمام الله وأمام الشعب.

التعليقات