الأخلاق أولًا - أحمد الصاوى - بوابة الشروق
الجمعة 11 أبريل 2025 11:21 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

الأخلاق أولًا

نشر فى : الثلاثاء 6 مارس 2012 - 8:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 6 مارس 2012 - 8:00 ص

قلت لك أكثر من مرة إنه من الأفضل أن تبنى انحيازاتك ومواقفك على مسارات أخلاقية، وقتها ستجد نفسك متحررا من أسر الانحياز السياسى أو الفكرى الذى يفرض عليك أن تدافع عن وجهة نظر ما باستماتة حتى لو فى الخطأ، وتهاجم وجهات النظر المغايرة بدأب أيضا حتى لو بالباطل.

 

 

وعندما تصطدم الأخلاق بالمصالح لابد أن تقدم الأخلاق، وقتها ستربح نفسك قبل أن تربح مكاسب سياسية أو منافع مادية، هذه نظرية ربما تجزم بصعوبة الوفاء بها كاملة فى عالم السياسة لكن ليس كل صعب غير ممكن.

 

الأزمة الحقيقية التى نعيشها هى أزمة أخلاق، والأخلاق غير مظاهر التدين، الأخلاق هى جوهر التدين لأنها الانعكاس الكامل على السلوك والمعاملات، والمنطق الذى لابد أن تدير به علاقاتك وخصوماتك ومعاركك.

 

لكن عندما تواجه شخصا بالنقد فى مسألة تعبر عن انحياز أخلاقى بالأساس، فلابد أن تكون شراستك فى النقد مضاعفة حين تتعامل مع شخص يطرح نفسه من داخل رؤية دينية، ويكاد يتبنى خطابا لا يفرق بينه كشخص أو كيان وبين الإسلام كدين وعقيدة، ويكاد يحكم على كل المختلفين معه وكأنهم مختلفون مع الإسلام نفسه.

 

لهذا كان الغضب كبيرا بعد اكتشاف واقعة نائب الحزب المتورط فى الادعاء الكاذب، فالرجل كنائب يعبر عن حزب إسلامى، ولذلك فقد كان من المتوقع أن تكون أخلاقه على مستوى أخلاق الدين الذى كان طرحه فى خلفيته كسبب وحيد لانتخابه.

 

لكن أداء حزب النور فى هذه الأزمة ومبادرته إلى الاعتذار ولوم النائب وإعلان فصله من الحزب، هو اختبار أخلاقى إيجابى نجح فيه حزب النور بامتياز، وسبقه ممارسات حقيقية تنحاز لهذه الصورة عبر اعتذارات وتوضيحات من نادر بكار المتحدث باسم الحزب سواء فى مواجهة النائب الذى طالب بمنع تدريس الإنجليزية، أو النواب الذين تضامنوا فى الهجوم على البرادعى.

 

انحاز حزب النور للأخلاق فخسر مقعدا لكنه ربح الكثير، وكان سيخسر أكثر لو تمسك بالمكابرة والدفاع عن النائب ظالما أو مظلوما، ربما هذه ميزة أنه حزب وليد مازال طغيان السياسة بنفعيتها لم يحتكر ممارساته.

 

لكن الحزب الذى تحلى بشجاعة الاعتذار التى لا يمتلكها إلى القليل جدا فى هذا المجتمع، مطلوب منه أن يراجع مواقفه، فى ظنى هو مدين بالاعتذار عن ممارساته الانتخابية، وعلى الأخص لمئات المنافسين والمعارضين الذين رماهم خطاب مرشحيه بالكفر وخاض فى عقائدهم وإيمانهم، هو مدين بالاعتذار لأنه قال للناس إنه الشريعة والإسلام فاختار الناس نوابا لم يدققوا فى اختيارهم لمجرد أنهم رفعوا هذا العنوان، والأصوب كان أن يقول للناس هذا فهمى للإسلام، ومن يرفض هذا الفهم هو مختلف معى وليس مختلفا مع الإسلام.

 

الإسلام أكبر من حزب النور ومن نوابه، والمسار الأخلاقى الذى ارتضاه الحزب لنفسه، وأرجو أن يبقى متمسكا به لابد أن يكون مسارا ينصر الحق ايا كان بعيدا عن مواءمات السياسة، وأن يطبق معاير الأخلاق على كل الوقائع دون تمييز، وأن يحاسب المنتسبين له إن خاضوا فى إيمان أحد أو شككوا فى عقيدته، حتى لا يرد متطرف من الجانب الآخر، ويعتبر «البلكيمى» هو الحزب، وربما يلصق هذه الممارسات فى الإسلام.

 

 دافعوا عن الإسلام بعدم احتكاره، حتى لا تلتصق به أخطاؤكم، وعن الأخلاق بالاستمرار فى الاعتذار لكل صاحب حق.

أحمد الصاوى كاتب صحفي
التعليقات