مازالت أصداء الحدث المروع الذى شهده معهد القلب القومى وراح ضحيته حجرة قسطرة كهرباء القلب به بعد أن دمرها المفسدون فى الأرض عالقة بالأجواء. كتب الكثيرون عن الحادث وتحرك أخيرا بعض من أعضاء مجلس النواب طالبين استجواب السيد رئيس الوزراء ووزيرة الصحة! كنت أتوقع أن يهتم بالأمر عدد أكبر من السادة النواب إذ إن الاهتمام جاء فقط من الدكتورة إيناس عبدالحليم والدكتور حسين غيتة وفق ما نما إلى علمى.
واقع الأمر أن ما حدث لا يمكن ترجمته فى وقائع لحظات غضب اشتعلت فى صدور أهل مريض توفى ومحاولات إنقاذه قائمة فى أكثر مراكز الدولة كفاءة بعد أن وصل إليها فى حالة متردية. تلك ليست حادثة وليست واقعة يدور حولها نقاش أو تتخذ فيها إجراءات حسابية: تلك كارثة حقيقية تنذر بشرر متطاير إذا ما نفخ فيه اتقدت النار التى لن تبقى ولن تذر إذا ما قدر لها أن تشتعل.
تصورت أن يقرر مجلس النواب أن يعقد جلسة عاجلة فى معهد القلب القومى، نعم أن ينتقلوا من قاعة المجلس لمعهد القلب وأن يتبرعوا «ببدل الجلسة» لصالح إعادة القسطرة إلى ما كانت عليه حتى يمكننا مواصلة خدمة المواطنين الذين يمثلونهم ويسعون لكسب رضائهم فى المناسبات.
هل تكرم أحد من النواب المحترمين بزيارتنا فى معهد القلب القومى ليسمع لنا رأيا أو يتحرى ما نواجه من مصاعب فى أداء العمل أو اخطار فى لقائنا اليومى بأكثر من ألف مريض فى العيادات الخارجية محملين بهمومهم وتداعيات أمراضهم يستندون إلى كتف عدد لا بأس به من جيرانهم وأفراد عائلاتهم؟
إلى أى حقائق تستندون فى استجوابكم لرئيس الوزراء ووزيرة الصحة وماذا ستطلبون منهما نيابة عنا؟ هل لديكم بالفعل أفكار محددة للخروج من الأزمة وفض هذا الاشتباك الذى أشك تماما فى أنه قد اتضحت معالمه فى تفكيركم؟ هذا العداء المستحكم الذى زرعه وروج له إعلام هذا الزمان بين المجتمع والأطباء؟ هذا العداء الذى يبدو جليا فى تعليقات العامة على وسائل التواصل الاجتماعى وردود أفعال الشارع المصرى؟
هل تقف حدود مسئولياتكم يا سادة عند حدود استجواب الدولة والاستفسار عن خططها فى مواجهة المشاكل والأزمات، ألا يمتد دوركم لمحاولة عرض حلول أو خطط موازية لما تقوم به الدولة فربما أمكنكم المعاونة؟!
ما الذى تنتظرون من استجواب رئيس الوزراء ووزيرة الصحة لتعودوا به للناس؟
قبل أن نسقط فى دوامات الكلام التى لا أشك فى أن مجلس النواب سيجرنا إليها أرجو أن يعتذر دولة رئيس الوزراء ووزيرة الصحة عن هذا الاستجواب الذى ليس لنا فيه ناقة أو جمل كما يذكر المثل العربى الأشهر.
أعضاء مجلس النواب لا يأتون معهد القلب إلا بطلب استثناء لمريض قادر على حساب آخر غير قادر أو لالتقاط الصور التذكارية ونعرف أسماءهم من الكروت الشخصية المرفقة بطلبات خاصة.
نحن الأطباء ومقدمو الخدمة الطبية المعنيون بالأمر والجدير بالذكر أن وزارة الصحة قد أعلنت أن عام ٢٠١٩ هو عام مقدمى الخدمة الطبية وقد انقضى من العام ثلاثة أشهر. الأمر لا يقف عند حدود ما حدث فى معهد القلب القومى لكنه ينسحب على كل مؤسسات الخدمة الطبية فى بلادى.
لنا طلبات ولدينا أفكار محددة نقوم بواجباتنا قبل أن نسعى لحقوقنا وإن كنا نتمسك بها
عن قناعة، نحن أطباء مصر نواصل عملنا الإنسانى بلا ضجة أو إعلام هدفه وغايته الإعلان
فاسمعونا: نحن المعنيون حقا بالأمر.
المحرر