الزمن التركى - أحمد الصاوى - بوابة الشروق
الجمعة 11 أبريل 2025 12:34 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

الزمن التركى

نشر فى : الإثنين 5 سبتمبر 2011 - 9:19 ص | آخر تحديث : الإثنين 5 سبتمبر 2011 - 9:19 ص

 إذا صحت الأخبار المتداولة حول عزم رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان، زيارة قطاع غزة بنفسه عبر البحر وفى حماية الأسطول البحرى التركى، تكون المنطقة أضيف لها بعد جديد ربما يوازى فى تأثيره ما حدث ويحدث بها من ثورات.

انتقلت السياسة التركية نحو إسرائيل من الخطاب الشعبوى القادر على دغدغة مشاعر الجماهير العريضة فى تركيا والعالم العربى، إلى فعل بذات السمات، يتحرك فى إطار تصعيد غير مسبوق ضد إسرائيل، لكنه حتى الآن خطاب بعيد عن المواجهة المباشرة، وفى إطار إمكانيات دبلوماسية «الحركة الفعالة» التى تتخذها أنقرة حاليا.

لن تنشب حرب تركية إسرائيلية، لا أنقرة تسعى لذلك ولا تل أبيب يمكن أن تغامر بالجنوح نحو هذا الهدف على الأقل فى ظل ثورات شعبية لا تعرف مداها، وشارع عربى ملتهب، ومحيط متوتر فلديها من العقلاء من يدفعونها إلى ضرورة تجنب أن يتوجه هذا الفوران العربى باتجاهها، لكن الدرس التركى فى القدرة على استخدام كل الأدوات التى تحقق تأثير الحرب دون طلقة، وتأتى بثمار النصر دون معركة.

والمؤكد أن دخول أردوغان غزة دون تفاهمات مع إسرائيل وعبر البحر وفى حراسة قواته البحرية، هو هزيمة حقيقية ومدوية للدولة العبرية على الأرض، وربما تحقق هدفين فى آن واحد، الأول هو تنصيب الأتراك على عرش قيادة المنطقة دون منازع تقريبا، وتعزيز وضعها الإقليمى الذى تستند عليه الإمبراطورية الأردوغانية الجديدة لتكريس وضع دولى يتعامل بندية مطلقة مع كل الأطراف بما فيها الاتحاد الأوروبى الذى رفض دخول الجار التركى لناديه، والثانى التماهى مع الثورات العربية واحتوائها وتوجيهها فى اتجاه طبيعى معاد لتل أبيب ومنبهر بأنقرة، وهو شكل من التحالف ينسجه الأتراك هذه المرة مع الشعوب قبل الأنظمة، فتبدو أنقرة الدولة التى تملك القدرة العملية على عقاب إسرائيل بالقول والفعل معا، إلى جانب الانحياز إلى حقوق الشعوب العربية بمواقف جادة وصارمة سواء فى القاهرة أو طرابلس أو حتى فى دمشق.

ربما يستعد أردوغان لتدشين رسمى لما يمكن أن نسميه «الزمن التركى» بزيارة إلى غزة ربما تمثل فى حد ذاتها التهديد الأكبر لإسرائيل فى المنطقة، وهو تهديد يفوق أى تهديد عسكرى ممكن وتداعياته حال حدوثه، ستكون بالغة الأثر على الدولة العبرية، وستضعها لأول مرة فى حجمها داخل حدودها المغتصبة قبل 67، وربما تكون النتائج أكثر أثرا إذا توازى ذلك مع إعلان عربى للدولة الفلسطينية من جانب واحد.

لكن هل إسرائيل بالغباء لتترك هذه الزيارة تحدث بكل ما تمثله من هزيمة مباشرة لها؟ المؤكد أنها ربما تحاول تجنب ذلك حتى لو اضطرت لتنفيذ كل مطالب أردوغان وتقديم اعتذار مهين عن حادث أسطول الحرية.

تمنح تركيا درسا قديما للعرب ولمصر تحديدا بأن القسوة مع إسرائيل لا تعنى بالضرورة الحرب، لكننا لا نرغب فى فعل مباشر ولا كلام مباشر، وربما حتى لن نحفز رسميا على الزيارة الأردوغانية لغزة على الأقل لنعادل الضغوط لمنعها، ونستفيد من أثرها حتى لو بدعم «الزمن التركى» لأن ذلك للأسف هو «أضعف الإيمان»..!

 

sawyelsawy@yahoo.com

أحمد الصاوى كاتب صحفي
التعليقات