ماذا جرى في مؤتمر الحزب؟ - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
السبت 11 يناير 2025 4:36 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ماذا جرى في مؤتمر الحزب؟

نشر فى : الخميس 5 نوفمبر 2009 - 10:17 ص | آخر تحديث : الخميس 5 نوفمبر 2009 - 10:17 ص

 إذا أردت أن تعرف ما الجديد وراء انعقاد المؤتمر السادس للحزب الوطنى الحاكم، وما هى النتائج التى أسفرت عنها اجتماعات اللجان، بالإضافة إلى جو الشعارات التى ترددت بغزارة حول الاهتمام بالتنمية ومصالح الفلاحين وإصلاح التعليم وتطوير شبكات الصرف فى القرى وغيرها، فلابد أن تكون قد تابعت الرسائل الملغومة والقضايا المدسوسة فى ثنايا الخطب والكلمات التى ألقيت. وكان التركيز عليها واضحا للعيان فى خطابين حفلا بكثير من الإشارات والتنبيهات، والتحذيرات والمساومات.. والتنويه بمن هم الأعداء الذين يجب اقتلاعهم من الجذور، ومن هم الأصدقاء الذين يبدو الحزب مستعدا للتعاون والحوار معهم.

بغض النظر عن أخطاء لغوية سقيمة، فقد عوضتهم عنها إشارات اليد ولغة الجسد وايماءات الوجه. وفى مشهد لا يخلو من إخراج جيد، يكشف عن الهيراركية الحقيقية داخل الحزب حاليا، وربما من هم رجاله فى المستقبل.

جاء الخطابان اللذان ألقاهما أحمد عز وجمال مبارك، ليضعا النقاط فوق الحروف وأحيانا تحتها.. فيما أجمله خطاب الرئيس مبارك.. وجاء التركيز فيهما على نقطتين أساسيتين تتعلقان بالمستقبل كما يراه، وليس بناء على ما تطالب به الجماهير. فلم يجب الرئيس مبارك عن سؤال: وماذا بعد؟.. بل حاول فى إشارات لا تخلو من مغزى أن يؤكد دور «الشباب والفكر الجديد» الذى جدد سياسة الحزب، وأن يدعو إلى الاستعداد لخوض معركة انتخابات حاسمة أو قاصمة فى العام القادم لمجلسى الشورى والشعب.. تاركا الحديث عن انتخابات الرياسة عام 2011 معلقة فى سماء الهواجس والتكهنات.

لا جدال فى أن خطاب الرئيس مبارك كرئيس للحزب الوطنى، حمل نية واضحة على استمرار العمل بالسياسات الداخلية التى انتهجتها الحكومة حتى الآن، دون تجديد يذكر أو تغيير فى الأولويات، اللهم إلا فيما يتعلق بالسياسة الزراعية والاهتمام بالفلاحين ومشاكلهم.. وهى سياسات الحزب الواحد التى لم يخرج عنها قيد شعرة مقارنة بسياسات الدورات السابقة للحزب، تاركا ــ فيما يبدو ــ لكل من أحمد عز وجمال مبارك توجيه اللكمات واللطمات للمعارضة من الأحزاب والقوى السياسية غير الحزبية. دون أن يتطرق إلى ما هو أبعد من ذلك. بل لعل الرئيس مبارك قد استبعد تماما أى تفكير فى مسألة الرياسة، وهل تسير الأمور على ما هى عليه عام 2011 بغير انتقال للسلطة. واعتبر التفكير فى هذا الموضوع سابقا لأوانه ولا داعى حتى لإدراجه فى جدول زمنى. وكان صفوت الشريف هو المتحدث بلسان الرئيس فى هذه القضية. فنفى الاهتمام بها نفيا قاطعا وصب على رءوس كل من فكر فى هذا الموضوع دشا باردا.

وقد ذهب بعض مفكرى الحزب وقياداته إلى أن إثارة موضوع انتخابات الرياسة، وما صاحبها من آراء وطروحات عن فترة انتقالية أو إنشاء هيئة للأمناء تهيئ البلاد لمرحلة التغيير، لم تكن مصادفة، ولكن جاءت بترتيب مريب شاركت فيه الصحافة الخاصة والمستقلة لكى تثير ضجة لا مبرر لها. وكأنه من أغرب الأمور فى مصر أن يشارك الشعب أو يسبق فى تفكيره ما يخطط له الحزب الوطنى وقياداته!

ويبقى من أكثر الأمور مدعاة لإعادة النظر فى كل ما قطعته قيادات الحزب على نفسها من وعود، أسرف أحمد عز على نفسه فيها وهو يشرح خططه كأمين للتنظيم فى الاستعداد للانتخابات القادمة، هو رفض أى شكل من أشكال الرقابة الدولية على الانتخابات.. والهجوم العنيف الذى شنه على جماعة الإخوان المسلمين التى تعتقل الحكومة نصف أعضائها، ويطالب بعض أعضاء الحزب بمصادرة أموالهم واعتقال من بقى منهم. ثم الخوف الكامن من أحزاب المعارضة مع أنها لا تملك من أمرها شيئا.. مع حديث لا ينقطع عن الانتخابات وضرورة الاستعداد لها، فى وقت يعرف الناس جميعا أن إلغاء الإشراف القضائى جعل الإشراف على الانتخابات رهنا بما تفعله أجهزة الأمن. فضلا عن أن الإصرار على أن يتم الانتخاب بالنظام الفردى قد أحكم قبضة الحزب على نتائج أى انتخابات قادمة. ولذلك لم يكن غريبا أن تصف صحيفة «اليوم السابع» مؤتمر الحزب بأنه حفلة وداع للقضاء على الإخوان بعد إعلان الحرب عليهم، وبدء تقسيم التركة على الورثة من الأحزاب، والقوى السياسية الأخرى.

لا أحد فى الحزب الوطنى يريد أو يفكر فى تعديل الدستور. وحين يعلن جمال مبارك أن أى تفكير فى تعديل المادة 77 التى تحدد مدد ولاية الرياسة هو تفكير غير منطقى.

وعندما يقول بعضهم إن «وثيقة المواطنة» غير مطروحة للمناقشة بسبب ضيق الوقت، ويجرى تجاهل الحديث عن قانون بناء دور العبادة، والضرورة الملحة لإقراره فى هذه الظروف التى تتردى فيها العلاقات بين الأقباط والمسلمين فى القرى.. فلابد أن يقال إن الحزب لم يجدد شيئا ولم يغير شيئا من مفاهيمه وممارساته.

بل إن نظرة إلى الوجوه التى ملأت صفوف المؤتمر، تشكك فى صحة الإدعاء بأن عضوية الحزب شهدت زيادة هائلة بين أعضائه من الشباب الذين وصلت نسبتهم إلى ما يقرب من 70٪، لم يظهر لهم أثر فى قياداته ورموزه.. وهو ما يعنى أن التغيير فى كوادر الحزب سوف يظل قصرا على نفس الوجوه والشخصيات.. أى لا جديد باستثناء أحمد عز الذى بدا أكثر مرونة وهيمنة على قيادة أوركسترا الحزب. وجمال مبارك الذى بدا أكثر جرأة ورصانة، بحيث بات من السهل أن تقرأ على وجهه الكثير!

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات