الفقيه للمنبر والعسكر للمعسكر - أحمد الصاوى - بوابة الشروق
الجمعة 11 أبريل 2025 10:21 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

الفقيه للمنبر والعسكر للمعسكر

نشر فى : السبت 5 نوفمبر 2011 - 8:40 ص | آخر تحديث : السبت 5 نوفمبر 2011 - 8:40 ص

للأسف الشديد سقطت كثير من القوى والأحزاب «المدنية» فى اختبار «وثيقة السلمى»، والأرجح أن هذه القوى الليبرالية واليسارية، وقعت تحت وطأة خيار أخلاقى بمعارضة الوثيقة ورفض أى وضع مهيمن للقوات المسلحة على الدستور والحياة السياسية، وخيار نفعى بحت بكبح جموح الإسلاميين والسيطرة على فرصهم فى صياغة الدستور الجديد.

 

بعض مما يثير استغرابك أن تجد قوى إسلامية عاشت سنوات طويلة تتغذى على التشكيك فى نواياها عن الدولة المدنية هى التى تدافع الآن عن مدنية الدولة، بينما أحزاب عريقة كالوفد والتجمع فى موقع متأخر من هذا الطريق، وكأن خطر العسكرة على مدنية الدولة أقل وأهون من خطر الأسلمة.

 

إذا كانت العلوم السياسية تخلو من مفهوم للدولة المدنية أو تعريف محدد لها، فإن ما نفهمه أن الدولة المدنية هى دولة «غير عسكرية وأيضا غير دينية» بالمعنى الكهنوتى أو بنظام ولاية علماء الدين وفقهائه، وليس معنى أنك تمتلك مخاوف من تديين الدولة، وهى مخاوف بعضها مشروع بسبب أداء بعض رموز التيارات الإسلامية الفاعلة سياسيا حاليا، إلا أن الحل لا يمكن أن يكون فى استبدال الوصاية الدينية بالوصاية العسكرية.

 

وإذا كان مفهوما أن دور القوات المسلحة فى أى نظام سياسى هو حماية الحدود وفى الداخل حماية الشرعية الدستورية، فالمقصود أن تحمى الشرعية الدستورية بالمعنى الذى يتوافق عليه الشعب، لا أن يكون الجيش وصيا على كتابة الدستور.

 

لكن أن تجد حوارا يحاول أن يجر القوى الإسلامية لمساحة اعتراف حقيقية وحاصلة بمدنية الدولة واحترام حقوق المواطنة والمساواة فى المجتمع دون تمييز واحترام الحريات الشخصية فى العقيدة والمظهر، وبدلا من أن تبذل الجهد فى الحوار، وتتحرك فى الشارع لتتحدث عن نفسك وتطرح برامجك لتكون المنافسة فى النهاية محكومة بالشارع، تلجأ لدعم قوى أعلى كبديل عن جهدك المفترض.

 

الأزمة فى مصر ليست فى قوة الإسلاميين بقدر ما هى فى ضعف غيرهم، وليست فى نوايا الإسلاميين التى تراوح نفسها داخل الإطارات المعلنة، لكنها أزمة أخلاقية فى الأساس، تجعل من يقولون إنه ناضلوا لسنوات من أجل الديمقراطية يتحفظون على هذه الديمقراطية إذا كانت ستمنح الإسلاميين مزيدا من الفرص، ويحاولون إعادة الوصاية العسكرية لمواجهة فزاعة إسلامية مفترضة، والحقيقة أنهم إذا كان لديهم أى حضور فى الشارع يتناسب مع صوتهم العالى، لتمكنوا من حصار أخطار العسكرة والأسلمة على السواء.

 

الديمقراطية هى حكم الأغلبية وحماية حقوق الأقلية، والأقلية تعنى كل من يختلف مع الأغلبية دينيا أو سياسيا أو ثقافيا أو فى فهم الدين نفسه فى إطار أصحاب الملة الواحدة، وتفعيل هذا المعنى فى الدستور والممارسة هو الضمانة الوحيدة لأى شىء، وليأتى بعدها من يأتى، أما الفقيه فله منبر

 

والعسكر مكانهم المعسكر، وهى مهمة لا أعظم منها لو تعلمون..!

أحمد الصاوى كاتب صحفي
التعليقات