مصادرة أصول روسيا المجمدة هو الإجراء الصحيح - قضايا إستراتيجية - بوابة الشروق
الخميس 26 ديسمبر 2024 9:24 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مصادرة أصول روسيا المجمدة هو الإجراء الصحيح

نشر فى : السبت 6 يناير 2024 - 7:50 م | آخر تحديث : السبت 6 يناير 2024 - 7:50 م
نشر موقع Project Syndicate مقالا لأستاذ الاقتصاد بجامعة كولومبيا، جوزيف إستجليتز، والكاتب الاقتصادى أندرو كوسنكو، يقولان فيه إن مصادرة أصول روسيا المجمدة فى الغرب لصالح إعادة إعمار أوكرانيا هو تطبيق للمبدأ القانونى (من تسبب فى ضرر، فهو ملزم بتعويضه) ، إذ من غير المنطقى أن يتحمل دافعو الضرائب فى أمريكا والغرب تكلفة إعادة الإعمار، لكن روسيا عليها دفع ثمن عدوانها، ويؤكدان أن هذه الخطوة لن تلغى تقديم الغرب مساعدات عسكرية لكييف... نعرض من المقال ما يلى:
على الرغم من أن دول مجموعة السبع والحكومات الأخرى فى مختلف أنحاء العالم كانت سخية بشكل استثنائى فى دعم المجهود الحربى الأوكرانى، بدأت تظهر علامات تشير إلى تزايد التململ فى بعض الدوائر ومع فشل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبى فى الالتزام بأكثر من 100 مليار دولار من المساعدات لأوكرانيا فى ديسمبر، عادت فكرة مصادرة الأصول الروسية التى جمدتها الدول الغربية إلى الظهور كحل محتمل.
وعلى الرغم من أن مصادرة هذه الأصول من شأنها أن تعزز معنويات أوكرانيا ومواردها المالية، إلا أن القلق من أن الحكومات الأخرى قد تصبح حذرة بشأن الاحتفاظ بأموالها فى الولايات المتحدة خوفا من مصادرتها فى المستقبل يتجاهل بعض النقاط الرئيسية؛ إن مصادرة أصول روسيا المجمدة لن يؤثر على أصول الدول الأخرى أو يغير حوافز الحكومات التى لا تخطط لشن حرب كبرى. علاوة على ذلك، فإن الدول الغربية بعدم مصادرتها لهذه الأموال تبعث برسالة مفادها أن الحكومات التى تشن حروبا عدوانية وحشية يمكنها أن تنتهك القانون الدولى وفى الوقت نفسه تستفيد منه للتنصل من عواقب أفعالها. وبدلا من ذلك، يتعين على زعماء مجموعة السبع أن يبعثوا برسالة واضحة: لا يمكن لأى دولة أن تجمع بين الأمر ونقيضه، فمن خلال ردع الجهات الفاعلة السيئة الأخرى عن انتهاك القانون الدولى، فإن المصادرة يمكن أن تكون بمثابة إجراء لبناء السلام.
لو كان التأثير السلبى المفترض لمصادرة الأصول الروسية على رغبة الدول الأخرى فى إيداع الأموال فى الولايات المتحدة وأوروبا حقيقيا، لكان قد ظهر عندما تم تجميد تلك الأموال فى أوائل عام 2022، والجدير بالذكر أنه لم يكن هناك هروب لرءوس الأموال من الولايات المتحدة أو أوروبا، ويرجع ذلك جزئيا إلى وجود عدد قليل من البدائل الآمنة للنظام المالى القائم، وإذا افترضنا أن الحكومات سوف تصبح حذرة بشأن الاحتفاظ بأصولها فى الولايات المتحدة أو أوروبا أو اليابان، ففى أى مكان آخر قد تحتفظ بها؟ هل تشعر بمزيد من الأمان فى الاحتفاظ بأموالها فى المؤسسات الصينية على سبيل المثال؟!
فضلا عن ذلك، ففى حين قد تستفيد المؤسسات الأوروبية واليابانية إذا قررت بلدان «مارقة» محتملة أخرى عدم الاحتفاظ بودائعها فى الولايات المتحدة، فإن التأثير المالى سوف يكون ضئيلا، وفى واقع الأمر فإن العديد من خبراء الاقتصاد يجادلون بأن مثل هذه التدفقات الرأسمالية هى تكلفة وليست منفعة. وفقا لهذا الطرح فإن هذه التدفقات تؤدى إلى ارتفاع قيمة العملة مما يعنى أن تصدير السلع والتنافس مع الواردات سوف يصبح أكثر صعوبة مما يؤدى إلى خسارة الوظائف.
صحيح أن بعض الممولين قد يواجهون خسائر ولكن أغلب الأموال المحتفظ بها فى الولايات المتحدة الأمريكية هى ببساطة احتياطيات مودعة لدى بنك الاحتياطى الفيدرالى، والتى لا تفيد وال ستريت بشكل مباشر، وينطبق الشىء نفسه على يوروكلير، المؤسسة المالية البلجيكية التى يتم الاحتفاظ بالجزء الأكبر من الأصول الروسية فيها.
• • •
فى نهاية المطاف، يجب محاسبة روسيا وعلى الرغم من أنها لا تستطيع تعويض أوكرانيا بالكامل عن الدمار الذى أحدثته، يتعين عليها على أقل تقدير أن تدفع ثمن الأضرار المادية وتغطى تكاليف إعادة الإعمار. عندما يرتكب فرد ضررا فهو ملزم بدفع التعويض، وفى كثير من الأحيان، تتم مصادرة أصول الأفراد لضمان وفائهم بهذا الالتزام، وينطبق المبدأ نفسه على البلدان، وعلى الرغم من أن مصادرة الأصول غالبا ما تكون عمليات معقدة، فإن حالة روسيا قد تكون الاستثناء، لأن الأصول المطلوب مصادرتها قد تم تجميدها بالفعل.
وقد يجادل الخبراء القانونيون بأن تقديم قروض لكييف واستخدام الأصول المجمدة كضمان هو نهج أفضل، لأنه من شأنه أن يجبر روسيا على الاختيار بين تعويض أوكرانيا بشكل مباشر أو خسارة تلك الأموال، لكن من الأفضل ترك مثل هذه الأمور الفنية للمحامين، والحقيقة هى أن أوكرانيا تحتاج إلى المال الآن والأموال تحت السيطرة الغربية، وعدم استخدامها لمساعدة أوكرانيا على الفوز فى هذه الحرب وإعادة البناء سيكون أمرا غير معقول. فمن غير المنطقى أن نتوقع من دافعى الضرائب والجهات المانحة فى أوروبا والولايات المتحدة وآسيا أن يتحملوا تكاليف إعادة إعمار أوكرانيا فى حين تستطيع روسيا ذاتها أن تقدم مساهمة كبيرة (وإن كانت غير طوعية) . • • •
إن من المسلم به أن مصادرة الأصول الروسية المجمدة لن يعفى الغرب من مسئولية تزويد أوكرانيا بالمساعدات العسكرية؛ فمن دون النصر، لا يمكن إعادة الإعمار، ومع ذلك فإن حقيقة أن تكلفة إعادة بناء أوكرانيا قد تصل فى نهاية المطاف إلى تريليون دولار ــ أكثر من ثلاثة أمثال قيمة الأصول ــ قد تعمل على تهدئة أولئك الذين ما زالوا مترددين فى استخدامها لتمويل جهود إعادة الإعمار.
وبالطبع، لا يمكن لأى مبلغ من المال أن يزيل الضرر الهائل الذى ألحقته الحرب العدوانية الروسية باقتصاد أوكرانيا وشعبها، لكن من الممكن النظر إلى الأصول الروسية المجمدة باعتبارها دفعة مقدمة للتعويضات التى سوف يتم إجبار الكرملين على دفعها فى نهاية المطاف.

النص الأصلى:

التعليقات