فى رسالة إلى البيت الأبيض، عبَّر 12 سيناتور ديمقراطيا من أعضاء مجلس الشيوخ، عن رفضهم خطة الرئيس دونالد ترامب لسلام الشرق الأوسط والمعروفة بصفقة القرن. وهاجم الأعضاء الذين من بينهم ثلاثة من أهم مرشحى الديمقراطيين وهم بيرنى ساندرز وإليزابيث وارين وأيمى كلوبتشار، الخطة واعتبروا أنها غير محايدة.
«خطة ترامب تعكس مصالح طرف واحد، وهذا سيكون له تداعيات كبيرة ويعرقل من تحقيق السلام القائم على مبدأ دولتين بما يعكس الحقوق المشروعية وطموحات الشعبين الإسرائيلى والفلسطينى» يقول الخطاب. وعبر المرشحون الثلاثة التى تؤكد استطلاعات الرأى تقدمهم فى السباق الديمقراطى على بطاقة الحزب لمواجهة الرئيس ترامب فى نوفمبر القادم على رفض خطة ترامب شكلا ومضمونا.
***
وعبر السيناتور ساندرز عن أنه «ينبغى على واشنطن أن تكون حكما محايدا وعادلا بين الإسرائيليين والفلسطينيين. أى صفقة للسلام يجب أن تلتزم بالقانون وشرعية الدولتين وقرارات الأمم المتحدة». وأضاف ساندرز «يجب على إسرائيل إنهاء احتلالها والسماح للفلسطينيين بتقرير مصيرهم فى دولة مستقلة جنبا إلى جنب إسرائيل.
لم يقترب طرح الرئيس ترامب من تحقيق السلام، على العكس سيعمق الخلافات ويطيل من أمد الصراع، وهذا غير مقبول».
وأدانت المرشحة إليزابيث وارين الخطة وقالت: «خطة ترامب لا تمثل إلا شيكا على بياض لضم أراضى الضفة الغربية، وهى لا تقدم أى فرصة لإنشاء دولة فلسطينية». وأضافت وارين «إعلان الخطة دون التفاوض مع الفلسطينيين لا يعتبر عملا دبلوماسيا، هذا تهريج. وسأعترض على أى ضم أحادى الجانب لأراضى محتلة فى أى صورة من الصور».
وانتقدت مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وهى مركز بحثى يمينى، موقف المرشحين الديمقراطيين وقالت فى تغريدة لها «يا للعجب، السعودية ودولة الإمارات والبحرين وعمان يدعمون صفقة القرن فى الوقت الذى يرفضها السيناتور ساندر والسيناتورة وارين وجو بيدن».
***
لا يمكن استبعاد عنصر الانتخابات من توقيت إعلان صفقة القرن، وذلك لخدمة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو والرئيس ترامب ذاته. وتشهد إسرائيل ثالث انتخابات برلمانية خلال أقل من عام، فى حين تشهد الولايات المتحدة انتخاباتها الرئاسية بعد انتخابات إسرائيل بسبعة أشهر.
ولا يجب أن يصدق الجانب العربى الرسمى أن هناك أى قرب لتحقيق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين بعدما أعلن الرئيس دونالد ترامب صفقة القرن. وستُدفن الخطة رسميا وعمليا حال هزيمة ترامب، ولن يكون هناك أى وجود أو أثر سياسى لهذه الصفقة ولا لعرابيها وعلى رأسهم جاريد كوشنر، صهر الرئيس ومهندس صفقة القرن. يُشترط فوز ترامب فى الانتخابات القادمة للدفع بأى حركة أو أى ضغط على الجانب الفلسطينى. إذا فاز ترامب فيمكن أن يخلق ذلك واقعا جديدا يدفع بالعرب والفلسطينيين للتعامل الجدى مع الخطة، ولو خسر ترامب، لا أتصور أن تستعين بها أى إدارة ديمقراطية، سيكون مصير خطة ترامب الموت.
***
لعقود طويلة اعتمد الدعم الأمريكى للجانب الإسرائيلى على أسس جيو ــ استراتيجية بالأساس خاصة خلال فترة الحرب الباردة، لكن مع وصول ترامب للحكم، أصبح أساس دعم إسرائيل يعود لمبررات دينية توراتية وإنجيلية. ويعتقد الكثير من الإيفانجاليكال المسيحيين ممن صوتوا لترامب فى انتخابات 2016 أن وعد الرب لليهود بالعودة للأراضى المقدسة سيمهد للعودة الثانية للمسيح.
وحصد ترامب قبل ثلاث سنوات وفى انتخابات 2016 أصوات 81% من الناخبين الإنجيليين طبقا لاستطلاعات مركز بيو للأبحاث. من هنا يعود انتصار ترامب الانتخابى وفوزه بالبيت الأبيض إلى أصوات الإنجيليين بالأساس. وبسبب هذه الكتلة التصويتية الكبيرة، اختار ترامب نائبه مايك بينس ليفتح الباب واسعا أمام إقبال شديد من الطائفة الإنجيلية للتصويت له، ويتبنى بنس خطابا إنجيليا متشددا، فهو من أقصى اليمين المسيحى المؤيد لإسرائيل.
كما أن فريق ترامب لسلام الشرق الأوسط يضم بالأساس يهودا متشددين دينيا مثل جاريد كوشنر، وديفيد فريدمان السفير بإسرائيل وجيسون جرينبلات مبعوث عملية السلام، وإضافة لبينس، يعد وزير الخارجية مايك بومبيو من الإنجيليين المتشددين داخل إدارة ترامب.
***
وخلال مؤتمر عُقد مؤخرا لدعم إسرائيل قال مايك بينس «نحن ندعم إسرائيل بسبب الوعد التاريخى المقدس أن من يدعمهم الآن سينال بركة الرب».
من هنا لم يكن بالغريب تواجد أهم الشخصيات الإنجيلية المؤيدة لإسرائيل داخل القاعة الشرقية بالبيت الأبيض حيث أعلن الرئيس دونالد ترامب عن صفقة القرن.
وكان من بين الحاضرين القس جون هاجى والقس رون لادور، والقس روبرت جيفريس، وهم من أكثر القساوسة الإنجيليين تطرفا وعنصرية فى دعمهم للأساطير الإنجيلية حول إسرائيل والأراضى المقدسة.
وهناك خطوط عريضة يجتمع حولها أنصار هذا التيار، المعروف بدعمه غير المحدود وغير المشروط لإسرائيل، فى وقت لا يكترث فيه بأى من حقوق الفلسطينيين المنطقية والمشروعة، والمتفق عليها حتى بين أغلبية الإسرائيليين.
ولفهم رؤية هذا التيار المهم الذى تتبع الغالبية العظمى من أنصاره (هناك استطلاعات تقدرهم بأكثر من 50 مليون أمريكى) العقيدة البروتستانتية يجب فهم تأثر البروتستانتية باليهودية.
ونتج عن هذا التأثر تعايش يشبه التحالف المقدس بين البروتستانتية واليهودية بصورة عامة، وأوجدت علاقة أكثر خصوصية بين الصهيونية اليهودية والبروتستانتية الأصولية. وتتميز حركة المسيحية الصهيونية بسيطرة الاتجاه الأصولى، وتؤمن بضرورة عودة الشعب اليهودى إلى أرضه الموعودة فى فلسطين، كل فلسطين، وإقامة كيان يهودى فيها يمهد للعودة الثانية للمسيح وتأسيسه لمملكة الألف عام.
وعقب إعلان ترامب عن خطته، عبر القس الإنجيلى جويل روزينبرج مؤسس تحالف سلام القدس فى صحيفة «المسيحية اليوم» عن سعادته، ووصف مراسم الإعلان بأنها «أكثر من ممتازة، لكنى أعتقد أن خطة ترامب كانت كريمة مع الفلسطينيين».
كاتب صحفى متخصص فى الشئون الأمريكية، يكتب من واشنطن