حل القضية الفلسطينية أم تصفيتها؟ - محمد المنشاوي - بوابة الشروق
الأحد 22 ديسمبر 2024 3:19 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حل القضية الفلسطينية أم تصفيتها؟

نشر فى : الخميس 6 أبريل 2017 - 9:15 م | آخر تحديث : الخميس 6 أبريل 2017 - 9:15 م

خلال زيارته للبيت الأبيض منذ أيام قليلة، أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى على دعمه للرئيس دونالد ترامب فى سعيه لحل «قضية القرن». وقصد السيسى قضية «الصراع العربى الإسرائيلى»، نعرف أن ترامب ذكر لصحيفة نيويورك تايمز فى نوفمبر الماضى أنه «يحب أن يكون الشخص الذى يحقق السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، وسيكون هذا إنجازا عظيما».
وقال السيسى خلال لقائه مع ترامب فى البيت الأبيض، وذلك قبل بدء المباحثات الرسمية بين الجانبين: «سنقف بشدة بجانب الحلول التى ستطرح لحل قضية القرن فى صفقة القرن اللى أنا متأكد أن الرئيس الأمريكى سيتمكن من إنجازها»، ورد ترامب بالقول: «بالتأكيد سنفعلها».
●●●
لكن نظرة واقعية بعيدا عن كلمات المجاملات الدبلوماسية تأخذنا لواقع فلسطينى ومصرى وعربى وإقليمى لا يمكن معه وجود أى حل منطقى للقضية الفلسطينية، ولا يمكن معها وجود دولة فلسطينية تتمتع بالمواصفات الدنيا للدول يمكن أن تقبل به أغلبية الشعب الفلسطينى. ما تدلنا وتشير إليه بوضوح تطورات الأحداث المتسارعة فى المنطقة تشير إلى خطة محكمة لتصفية القضية الفلسطينية... لكن من غير المعلوم بعد طبيعة هذه التصفية وعلى حساب من ستكون بجانب الفلسطينيين. التقى ترامب خلال الأيام الأخيرة قادة إسرائيل والسعودية ومصر والأردن، وأرسلت واشنطن من جانبها بمبعوثها لعملية التفاوض السيد جيسون جرينبلات للمنطقة للقاء قادتها.
ولا شك أن واشنطن تسعى لفرض حل فى إطار إقليمى واسع يضمن مشاركة كبيرة من المملكة العربية السعودية. وبالطبع ستنصاع السعودية لما تراه واشنطن خاصة بعدما تم إقرار قانون جاستا (العدالة فى مواجهة رعاة النشاط الإرهابى)، والذى أصدره الكونجرس قبل أشهر قليلة وينال دعم ترامب، ويعد القانون خطوة ووسيلة لتوجيه الاتهام للمملكة العربية السعودية بالضلوع مباشرة فى اعتداءات 11 سبتمبر 2001، والتى راح ضحيتها 3 آلاف أمريكى. لهذا السبب تحديدا، وبإضافة المخاوف السعودية المتزايدة من تنامى النفوذ الإيرانى (الشيعى) على حدودها الشمالية فى العراق وسوريا، أو حدودها الجنوبية فى اليمن، نتفهم السعى السعودى الحثيث لتأمين نفسها فى واشنطن حتى لو كان ذلك من خلال بوابة تل أبيب ومن خلال دور ضاغط على الفلسطينيين للقبول بواقع جديد يُفرض عليهم. هذا عن السعودية، أما بقية الدول المهمة فى هذا الملف مثل سوريا التى أكلها لهيب الحرب الأهلية المستمرة منذ ست سنوات فأصبحت خارج نطاق الاهتمام أو الحسابات بخصوص القضية الفلسطينية، ولم يعد يتحدث أحد عن احتلال أو تحرير أو عودة هضبة الجولان. أما مصر فهمها الشاغل يتمحور فى حربها ضد الإرهاب المتصاعد والذى لم يتوقف فى شمال سيناء منذ أكثر من ثلاث سنوات.
ويمثل الواقع الاقتصادى الصعب الذى تمر به مصر من ناحية، والواقع السياسى المتأزم من ناحية أخرى أسبابا تقلل من أهمية الدور المصرى المساند للفلسطينيين. بل يسمح ذلك ويشجع واشنطن وتل أبيب على طلب أن يكون لمصر دور ضاغط لدفع الفلسطينيين بقبول ما يُقدم لهم على مائدة المفاوضات.
●●●
ويرتبط ما سبق بترويج رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو ووزرائه لمنطلق جديد فى التعامل مع قضية الشرق الأوسط المركزية فى الدوائر الأمريكية والأوروبية بعدما آمن العديد من الحكام العرب بهذا المنطلق. ويقول نتنياهو لفريد زكريا بمحطة سى إن إن «إننا اعتدنا التفكير بأن حل النزاع الفلسطينى الإسرائيلى سيؤدى إلى حل النزاع الإسرائيلى العربى الأوسع نطاقا. غير أنه كلما أمعنت النظر فى الأمر صرت أعتقد بأن الأمر قد يكون عكس ذلك، بمعنى أن تنمية هذه العلاقات الجارية حاليا بين إسرائيل وبعض الدول العربية، قد تساعدنا، مع العالم العربى، على تسوية النزاع الإسرائيلى الفلسطينى. ونعمل من أجل تحقيق هذا الهدف».
ولا يختلف منطق نتنياهو عما يخرج من تقارير متنوعة عن تنامى العلاقات العربية الإسرائيلية من ناحية، ومن تشجيع واشنطن لهذا المنطلق ودعمها للتقارب الإسرائيلى مع السعودية والإمارات العربية المتحدة.
●●●
أنباء وأخبار مختلفة عن مؤتمر سلام كبير قد يعقد فى الصيف المقبل لحل القضية الفلسطينية. ويفترض ذلك تواجدا عربيا كبيرا فى عملية التفاوض بما يمكن معه الدفع علنا بعملية التطبيع الجارية الآن بين إسرائيل ودول لا تجمعها بها علاقات دبلوماسية رسمية. والمنطق وراء هذه الهرولة العربية هو ضرورة التحالف مع أعداء الغد لمواجهة عدو اليوم الأخطر والمتمثل فى إيران. إلا أن حكام العرب يتجاهلون أن جوهر التحالف كإحدى صور العلاقات بين الدول ينصب حول الاعتقاد بوجود مصالح تجمع بين أطرافه، أو مخاطر تهددهم معا. من هنا يندفع بعض العرب (نظما وحكاما وأفرادا) للاعتقاد بأن هناك مصالح مشتركة تجمعهم بإسرائيل، ومخاطر تهددهم معها. خطورة هذا الاقتراب تتمثل فى حقيقة أنه لا توجد أى مصالح مشتركة بين العرب وإسرائيل، ولا تهديدات مشتركة. وتؤدى نظرة سريعة على أدبيات الفكر السياسى الإسرائيلى للكشف عن أن جوهر علاقات إسرائيل مع العرب أقرب للمعادلة الصفرية، فما ينفع العرب يضر بإسرائيل وما يفيد إسرائيل يضر حتما بالعرب عاجلا أو آجلا. من هنا علينا عدم المشاركة فى تصفية القضية الفلسطينية.

محمد المنشاوي كاتب صحفي متخصص في الشئون الأمريكية، يكتب من واشنطن - للتواصل مع الكاتب: mensh70@gmail.com
التعليقات