داخل أنفاق القناة - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 8:29 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

داخل أنفاق القناة

نشر فى : الإثنين 6 مايو 2019 - 10:50 م | آخر تحديث : الإثنين 6 مايو 2019 - 10:50 م

فى صباح يوم الأحد الماضى عبرت قناة السويس من الاسماعيلية إلى سيناء عبر كوبرى الشهيد احمد منسى المعلق فى سيارة جريدة الشروق. وبعد ظهر هذا اليوم ركبت أتوبيسا متوسط الحجم برفقة رؤساء تحرير ورؤساء هيئات ومؤسسات وأجهزة كبرى، وعبر هذا الأتوبيس نفق «تحيا مصر» أسفل مياه قناة السويس، قادما من الشرق باتجاه الغرب، سرعة الأتوبيس كانت ٦٠ كيلومترا فى الساعة، وقطع المسافة فى سبع دقائق بالضبط.

هذه الدقائق السبعة كانت تصل إلى أربع وخمس ساعات للعبور بين الشرق والغرب، فى بعض الايام والظروف فإن عملية العبور كانت رحلة عذاب مكتملة الأركان خصوصا لأبناء سيناء، لدرجة أن بعضهم كان يلغى العديد من تنقلاته بين الشرق والغرب.

المستفيد الأكبر من افتتاح الرئيس عبدالفتاح السيسى لنفقى الاسماعيلية يوم الأحد الماضى، هو المواطن عموما، وأبناء سيناء خصوصا.

حينما تم حفر قناة السويس عام ١٨٦٩، فقد كان لها فوائد عظيمة كثيرة، خصوصا للتجارة العالمية والعملة الصعبة للخزانة المصرية، لكن أحد عيوبها أنها صعبت الانتقال الحر بين سيناء وبين الوادى والدلتا. وحينما احتلت إسرائيل كامل سيناء فى ٥ يونيو ١٩٦٧، كان الحاجز المائى، إحدى المميزات المهمة لصالح العدو الإسرائيلى، لأنه عزل سيناء عن بقية البلاد. وبالتالى فان الأنفاق الجديدة التى افتتحت يوم الأحد، سوف تلغى هذه المعضلة تماما.

هناك نفقان «رايح جاى» فى الاسماعيلية، ومثلهما فى جنوب بورسعيد، يفترض أن يتم افتتاحهما قبل ٣٠ يونيو المقبل إن شاء الله. إضافة إلى افتتاح لنفق آخر فى السويس سيكون «أحمد حمدى ٢»، بحيث يتحول النفق الحالى إلى اتجاه واحد. وهكذا يصبح هناك ستة أنفاق فى محافظات القناة الثلاث بورسعيد والاسماعيلية والسويس.

الجانب الأكثر أهمية لفوائد هذه الأنفاق، إضافة إلى سهولة تنقل المواطنين وتحسين جودة حياتهم، هى وضع الأساس الحقيقى لفكرة التنمية الشاملة فى سيناء. هذا المصطلح نسمعه منذ حرب أكتوبر المجيدة عام ١٩٧٣. لكن لم يتم ترجمته إلى واقع حقيقى حتى الآن. اليوم هناك إمكانية فعلية لإحداث تنمية، إذا تم ترجمة ما قاله الرئيس السيسى على أرض الواقع، وألا يحدث انقطاع فى الاستراتيجية الراهنة لاى سبب من الاسباب.

طبقا لما قاله رئيس الوزراء مصطفى مدبولى، فإن هناك ٧٥١ مشروعا متنوعا منذ عام ٢٠١٤، تربط وسط وشمال سيناء بالدلتا فى ٢١ قطاعا، تكلفت ٣٦٠ مليار جنيه موزعة على مدن القناة الخمس. المشروعات سوف تزيد إلى ألف مشروع مع منتصف ٢٠٢٠، وسوف ترتفع التكلفة إلى ٨٠٠ مليار جنيه فى منطقة تمثل ٦٪ من سكان البلاد، لكنها استحوذت على ٢٠٪ من الاستثمارات.

يوم الاحد كان هناك افتتاح العديد من المشروعات فى مدن القناة، لكن تظل الأنفاق هى الأهم على الإطلاق. وقد يسأل البعض عن تكلفتها. نتذكر أن المصريين سطروا ملحمة وطنية عظيمة، حينما تسابقوا على جمع ٦٤ مليار جنيه فى ثمانية أيام فقط لحفر القناة الجديدة فى عام واحد فقط من 5 اغسطس 2015 إلى 6 اغسطس 2016.

هذا المبلغ يعتقد كثيرون أنه ذهب فقط لحفر القناة أو التفريعة الجديدة. والحقيقة هى غير ذلك تماما. تكلفة حفر القناة الجديدة حوالى ٢٢ مليار جنيه، وتكلفة الانفاق حوالى 24 مليار جنيه، والباقى للبنية الأساسية ومشروعات أخرى حول القناة والأنفاق. وكما علمت من بعض المشرفين على الأنفاق، فإن من بين تكلفة الأنفاق، كان تمويل شراء آلات وماكينات الحفر العملاقة، التى صارت ملكا لمصر، ويمكن استخدامها فى أى مشروعات أنفاق مقبلة، خصوصا لتوسعات المترو.

حفر هذه الأنفاق سيقوى من الأمن القومى المصرى كثيرا فى سيناء، ليس فقط ضد العدو الأساسى لمصر والأمة العربية، ولكن أيضا لهزيمة الإرهاب والتطرف الذى يحاول اختطاف سيناء، أو عزلها عن البلاد. التنمية الفعلية هى التى ستعرى الإرهاب والتطرف. حينما يتدفق الناس إلى سيناء ويقيمون المستوطنات البشرية، والمشروعات المتنوعة خصوصا الطرق والجسور والمصانع. وحينما يكتمل هذا، سوف ينتهى الإرهاب والتطرف، بل ومن يدعمونه داخليا وإقليميا ودوليا.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي