قل لى أولا ما هو تعريفك للديمقراطية.. ربما تقول إنها حكم الشعب.. أو ما تم ترجمته فى الدساتير بأن الشعب مصدر السلطات، كيف يحكم الشعب؟ من خلال إجراءات وآليات «متوافق عليها» تنظم الإجراءات وآليات التنافس.
هل الديمقراطية إذن مجرد إجراءات أم إجراءات وقيم؟
الغاية من الديمقراطية هى بلوغ الحكم الرشيد.. وإجراءاتها ما هى إلا وسائل لتحقيق قيم الديمقراطية المتمثلة فى دعم الحريات والحقوق وتمكين حكم الأغلبية بذات القوة التى تحافظ فيها على حقوق الأغلبية.
بميزان الديمقراطية كيف ترى استدعاء الجيش؟
لا يمكن بأى حال أن تنسجم الديمقراطية بقيمها قبل إجراءاتها مع استدعاء الجيش لحل الأزمات السياسية أو ترجيح كفة على كفة. تعال أتفق معك على ذلك. وأتجاهل مثلما تتجاهل الظروف الوطنية التى دفعت الجيش للتحرك، سواء الأزمة السياسية الحادة التى هددت الوطن وأمنه، أو حشود الجماهير التى مثلت الإرادة الشعبية فى أبهى صورها. لكن الحق الكامل كما يقول كتاب الديمقراطية أن استدعاء العسكر ليس ديمقراطيا على الإطلاق.
أنت إذن مؤمن بالديمقراطية «قيم وإجراءات» وتتمسك بهذه القيم التى منحتك ما تتشبث به الآن وهو «الشرعية القانونية».
حسنا قل لى أيها المؤمن بالديمقراطية وقيمها وإجراءاتها سواء كنت من مؤيدى الرئيس المعزول بحكم الأمر الواقع، أو من أولئك الغربيين الذين يتعاملون مع الديمقراطية باعتبارها واحد زائد واحد يساوى اثنين، ما معنى استدعاء الدين فى الديمقراطية؟
إذا كان استدعاء الجيش مجافيا لهذه القيم وتدخله لحسم الأزمات السياسية، فكيف تنظر لإستدعاء الدين واستخدامه لحسم الخلافات السياسية بتعمد عدم التمييز بين ما هو دينى وما هو سياسى بالشكل الذى حول الخلاف السياسى التقليدى فى أى ديمقراطية فى العالم إلى خلاف ليس على وضع الدين فى الحياة لكن على وجوده من الأساس.
أى ديمقراطية فى تكفير المعارضين قبل أن تتحرك تظاهراتهم وحشودهم.. أى ديمقراطية فى الدعاء عليهم بالمأثورات الدعوية التى جرى استخدامها مع الأعداء والكافرين فى التراث الإسلامى، ثم يقف الرئيس وجماعته «الديمقراطيين» لقول «آمين».. أى ديمقراطية فى تصدير وهم أن محمد مرسى هو الإسلام وأن مناصرته مناصرة للإسلام ومعارضته معارضة للإسلام، وممارسة وصاية دينية على عقول الجماهير تجعل المغامرة بالمعارضة معناها الكفر والخروج من الملة.
إذا كان استدعاء العسكر مضادا للديمقراطية بسبب طبيعة التكوين العسكرى القائم على تنفيذ الأوامر دون جدل أو معارضة، فإنك يمكن إذا ما «حكم العسكر فعلا» أن تهتف يوما يسقط حكم العسكر، لكن إذا صدقت أن السلطة التى تريد أن تعارضها هى الدين ومعارضتها معارضة للدين هل ستهتف:»يسقط الدين».
إذا كان استدعاء العسكر يمكن أن يشل أو يعرقل الديمقراطية.. فإن استدعاء الدين ينهيها ويقضى عليها تماما.
ليس من حق أحد يرى معارضه كافرا وضد الدين أن يبكى على الديمقراطية، وليس من حق أحد صمت على تكفير المعارضين انتصارا لسلطة استخدمت كل شىء حتى آيات الله لفرض القداسة على زعيمها أن يبكى على الديمقراطية.
مصر اختارت أخف الاستدعاءات وأهونها. لتمنح شخصا مثلى وملايين غيره معنى أن يكون معارضا وليس كافرا.. ضد السلطة وليس ضد الدين.