الطبيب.. بين أخطاء المهنة وأخطارها! - ليلى إبراهيم شلبي - بوابة الشروق
الجمعة 27 ديسمبر 2024 1:16 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الطبيب.. بين أخطاء المهنة وأخطارها!

نشر فى : الجمعة 6 أغسطس 2021 - 9:20 م | آخر تحديث : السبت 7 أغسطس 2021 - 1:07 ص
ارتبط دائما وعلى مر عصور التاريخ المتتابعة اسم الطبيب بالحكمة.
وقد كان الحكيم دائما اسما ووصفا للطبيب الذى يعالج الحسد والنفس لا ينفصل أحدهما عن الآخر، ذكر دائما الطبيب فى مواضع الجلال والتكريم منذ بداية التاريخ، وعلت دائما أقدارهم لدى الحكام وأصحاب الجاه بذات القدر عند العامة، فهم دائما أصحاب الهمم والرسالات الإنسانية بعيدا عن السلطة والنفوذ والمصالح أقرب إلى مبادئ الرحمة وتجرد العلم.
والغرض من تلك المقدمة، ولماذا أذكر للطب والأطباء فضيلة لا تغيب عن العقل الواعى ولا تنحسر عن الصورة متى جاء ذكر مهنة الطب؟
الواقع أنى ككل زملاء المهنة المهمومين بقضايا مهنتهم لا أخفى مرارة تعانيها من مواقف قد تكررت تعد تعديا واضحا على مجتمع الطب والأطباء، ما دون مبرر واضح أو قضية حقيقية تفرض نفسها.
لن أعيد مواقف سابقة ولن أتطرق لما قد يصورها البعض إحياء لذكريات قد تذكى جمرات تحت الرماد ولكنى أتوقف اليوم عند حادث معه استشعرت تلك المرارة وأنا أتابع وقائع ما حدث للنجمة المحبوبة ياسمين عبدالعزيز، والأطباء الذين تولوا علاجها.
لا تفاصيل عندى ولا أسماء سوى اسم النجمة الشابة الذى فرض نفسه على كل وسائل الإعلام فى الأسابيع القليلة الماضية، ولا جديد عن العملية التى دخلت المستشفى لإجرائها أو تبعاتها أو مستقبلها، فتناول كل ذلك يخضعنى لقانون شرف المهنة ويجعلنى من الحانثين بقسم ابقراط.
كان تناول الإعلام لتلك القضية خارجا عن كل الأعراف متخطيا حدود وآداب المهنة. أحاديث كثيرة وتصريحات وأخبار عن كل ما يخص الفنانة ياسمين عبدالعزيز من أشياء شخصية لا يحق لأحد نشرها فى العلن دون إذنها، نشرت كانتصارات إعلامية يفترض أنها تهم الناس الذين انقطعوا عن أعمالهم لمتابعتها فى شغف.
أما ما أثار بالفعل تلك المرارة فى نفسى فهو موقف الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعى من الطبيب الجراح الذى اتهم بكل ما يدين بدءا من الجهل بأصول إجراء الجراحات إلى اجراء الجراحة فى مستشفى يملكه يعمل بدون ترخيص. أرجو ألا يفهم حديثى على أنه دفاع عن زميل مهنة، فأنا حتى اللحظة لا أدعى أن لدى تفاصيل تدينه أو تبرئه إنما ما استقر فى ذهنى هو تلك الصور والتفاصيل التى نشرت والأوصاف التى لحقت به وألقت بظلها على مهنة الطب وعموم الأطباء.
منذ وعينا فى دراستنا للطب ومنا بالطبع من اعتاد تعلم دروسه من أمهات الكتاب والمراجع الطبية العالمية المعروفة: هناك دائما فصل كامل عن «Iatrageinc diseasis» أو «الاضطرابات علاجية المنشأ»، تلك التى قد تنشأ نتيجة لاستعمال الأدوية أو التعرض لعدوى بعد العلاج فى المستشفى أو بعد خروج المريض، منها أيضا قد تنشأ نتيجة خطأ ما أثناء إجراء الجراحة أو نتيجة لها أو نتيجة لآليات التحذير.
فصل كامل يشرح للأطباء متى وكيف ولماذا تحدث تلك الأخطاء غير المتعمدة، بالطبع والتى ربما حدثت أيضا نتيجة وضع تشريحى مختلف فى المريض نفسه لم يتم تشخيصه قبل البدء فى الجراحة.
لا شىء متعمدا على وجه الأطلاق، فالجراحة وسيلة علاج وليست جريمة متعمدة، مع ذلك فإن الضرر الحادث يخضع لحكم قانون إذا ما لجأ المريض إلى المحكمة شاكيا. تعويضات أخطاء المهنة قد تصل لأرقام فلكية لصالح المريض ،لذا فأول ما يحرص عليه الأطباء هو التأمين على أخطاء المهنة قبل مزاولتها.
قد يخطئ الطبيب والجراح فيدفع ثمن أخطائه راضيا، رغم أنه يعانى ما لا طاقة لديه، لكنه لا يتعرض لكل هذا الكم من التجريح والاساءة.
يبقى الاحتمال الثانى والأهم: حدوث مضاعفات للعلاج أو العملية الجراحية معروفة مقدما يتم تدريسها والاشارة إليها بل وتسجل فى صورة إقرار يوقع عليه المريض وربما أفراد عائلته. تترك تلك المضاعفات للظروف، فربما تمر العملية بسلام أو ترصد المضاعفات المعروفة وتباعتها ليبدأ علاجها فى مرحلة ما بعد العملية.
أحمد الله أن بلادى تحترم قوانينها التى تحمى المريض والطبيب فى آن واحد، وأتمنى أن تنهض نقابة الأطباء وتدرك أن دورها فى توفير حق الأطباء فى التصييف وشراء السلع المعمرة بالتقسيط، يمكن أن يتوقف قليلا لصالح حماية كرامة الأطباء ودعم رسالتهم الإنسانية.
التعليقات